أخبار

التعامل بالليرة التركية يرهق الأهالي في ريف حلب ويعرضهم للاستغلال

استمرار انهيار سعر الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، دفع المجالس المحلية في ريف حلب الشمالي والشرقي إلى إعلان التعامل بالليرة التركية عوضاً عن السورية للحفاظ على ممتلكات السوريين دون فقدان قيمتها، وذلك بالتزامن مع بدء تنفيذ قانون قيصر ضد النظام السوري.

وشهدت الأسواق المحلية العديد من المشاكل في أسعار الصرف، مما سبب أزمة لدى كافة الأهالي للتخلص من العملة السورية في شراء عملات أجنبية أو مواد غذائية ومواد بناء للتخلص من مدخراتهم من الليرة السورية، في ظل انهيار غير مسبوق، الأمر الذي وضع الكثير من التجار في خسارات متتالية.

 

عادل العيدو 50 عاماً، صاحب متجر للمواد الغذائية، في ريف حلب قام بنقل تسعيرة كافة المواد المتوفرة لديه في المتجر إلى الدولار الأمريكي، ووضع عدد من “السنتات” مربحاً له على القطعة الواحدة، قال لموقع “أنا إنسان”: “إن السوق المحلية لم تستقر بعد على التعامل بالليرة التركية لأنهم ما زالوا يتعاملون بالليرة السورية، وللحفاظ على قيمة منتجاتي اشتركت في غرفة محلية على وسائل التواصل الاجتماعي للصيرفة تضع سعر الدولار الأمريكي، بشكل مباشر وأقوم بمتابعتها بشكل دائم، ووفقاً لسعر الدولار أبيع البضائع في متجري”.

وأشار إلى أنه تعرض للخسارة خلال بيع منتجاته بالليرة السورية، أما الآن بدأ في إحصاء مربحه إما بالليرة التركية أو الدولار الأمريكي للحفاظ على رأس مال متجره، وجرد الأرباح الخاصة به، بما يتناسب مع السوق.

خلال حديثنا مع السيد عادل العيدو التقينا السيد مصطفى بكور وهو أحد الزبائن الذين اعتادوا على شراء حاجياتهم الأساسية من هذا المتجر، أوضح أنه واجه كثيراً من الصعوبات خلال دفع ثمن المنتجات التي يحصل عليها لأنه ما زال يمتلك نقوداً من العملة السورية، وفي الوقت ذاته اختلفت أسعار المنتجات.

وأضاف: “في بداية الأمر تعرضت للاستغلال من قبل بعض الباعة لأنهم يحددون سعراً واحداً لليرة السورية أمام الدولار الأمريكي على الرغم من عدم ثبات السعر، في السوق السوداء وهنا يحصل فارق كبير بين ليلة وضحاها، ولذلك اعتدت على التعاون مع المتاجر التي تحافظ في اطلاعها على سعر الصرف في السوق”.

 

كما ساهم انهيار قيمة الليرة السورية في تدهور الأوضاع المعيشية لدى كافة طبقات المجتمع السوري المقيم في ريف حلب الشمالي، ولا سيما العمال الذين يتقاضون أتعابهم بالليرة السورية، إذ لا تتعدى الأجور اليومية لأحدهم الدولار الواحد، والتي كانت تساوي 1000 ليرة سورية قبل أشهر قليلة، إلا أنها ما زالت هذه الأجور مستمرة في حين أصبح قيمة الدولار الواحد 2300 ليرة سورية.

والتقى موقع “أنا إنسان” محمد الخالد 35 عاماً، والذي يعمل في البناء، قال: “إن الأجور التي نحصل عليها لم تعد كافية لتلبية الحاجيات الأساسية لأسرنا، في حين لا نستطيع رفع التسعيرة لبناء المتر الواحد من الحجر، لأننا سنواجه عثرات أمام فرص العمل المتاحة لدينا، لكننا نتيجة الضغوط اليومية وعدم قدرتنا على تأمين حاجات أسرنا شكلنا غرفة على تطبيق الـ WhatsApp  لتحديد تسعيرة واحدة لكافة البنائين في المنطقة، بما يتناسب مع سعر الصرف”.

وأضاف: “قبل انهيار الليرة السورية كنت أحصل على مبلغ 3500 ليرة سورية للمتر الواحد في حين كان الدولار الأمريكي يساوي 500 ليرة سورية، أي أن أجر بناء المتر الواحد يصل إلى 7 دولار، ولا نستطيع أخذ هذه التسعيرة لأننا لن نستطيع الحصول على فرص عمل في منطقة كثرت فيها اليد العاملة، ولذلك رأينا أن السعر الموحد لبناء المتر من الحجر 28 ليرة تركية، ما يعادل 4 دولار أمريكي فقط، وذلك 10 ألاف ليرة سورية فقط”.

 

وانتقل مختلف عاملي اليد العاملة إلى التعامل بالليرة التركية أو الدولار الأمريكي، بسبب وقوعهم في مشاكل عديدة سببت لهم في فقدان قيمة أجورهم، بما لا يتناسب مع أسعار الحاجيات الأساسية التي يتم استيرادها بالدولار الأمريكي.

وساهم انتقال الشمال السوري إلى التعامل بالليرة التركية عوضاً عن الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في الأسواق إلا أنه وضع الأهالي عرضةً للاستغلال المباشر من قبل بعض التجار المحليين وخاصة بائعي المنتجات المحلية كاللحوم والأجبان والخضار، وغيرها دون وجود رقابة محلية تراعي ظروف المواطنين مع دخلهم اليومي الضعيف جداً.

 

سلطان البكرو 34 عاماً، ويقيم في قرية حور النهر بريف حلب يؤمن قوت أطفاله من خلال تجارته بما تنتجه البقرة من الحليب التي اقتناها العام الفائت، قال: “إن سعر الحليب بقي بـ 400 ليرة سورية والتي تساوي 0.18 سنت، بينما كانت قبل ارتفاع الدولار تساوي نحو 0.70 سنتاً، الأمر الذ وضعه في ضائقة مالية لفترة طويلة لأنه يشتري الأعلاف بالدولار الأمريكي، ولذلك اضطر إلى وضع تسعير لـ الكيلوغرام من الحليب بالليرة التركية والتي تساوي 2.5 ليرة تركية لكل كيلوغرام من الحليب فقط”.

وأضاف: “أن التعامل بالليرة التركية بات أكثر سهولة لأنها ثابتة نسبياً أمام الدولار إلا أن وجود العملة السورية لدى الأهالي يشكل الكثير من المتاعب على الرغم من انتشار الليرة التركية بشكل كبير، ولذلك المنطقة تحتاج إلى رقابة تستطيع تحديد أسعار المنتجات بما يتناسب مع النفقات التي يضعها البائع”.

 

وأتاحت عملية تداول الليرة التركية فرصة أمام الصيادلة لرفع أسعار الأدوية دون وجود رقابة محلية تعمل على تحقيق حقوق الأهالي، الذين يفتقرون لأدنى مقومات الحياة في ظل انتشار البطالة وندرة فرص العمل المتاحة في ريف حلب.

إبراهيم العلي، 25 عاماً، وهو من مدينة مارع بريف حلب قال لموقع “أنا إنسان”: “شكل تداول الليرة التركية في المنطقة عوائق مختلفة أمام الأهالي فالصيادلة في المنطقة بدأوا برفع أسعار الأدوية بشكل غير طبيعي وذلك في ظل افتقار المنطقة لسلطة تراقب عملهم”.

وأضاف: “أن علبة من مسكن للأطفال كان ثمنها 400 ليرة سورية عندما كان الدولار الواحد يساوي 600 ليرة سورية، أما الآن فإن ثمنها وصل إلى 6 ليرات تركية ما يعادل 2000 ليرة سورية، و0.90 سنتاً من الدولار الأمريكي”.

وأكد: “أنهم يتعرضون للاستغلال بشكل غير مسبوق، خلال شراء الألبسة وغيرها من الحاجيات الأساسية وذلك في عملية التصريف، وأشار إلى “أنه يجب تحديد نوع العملة المتداولة بالسوق وطرح بدائل لسحب العملة السورية من الأهالي”.

 

 من جهته رئيس غرفة التجارة في المجلس المحلي لمدينة مارع بريف حلب، حسن حافظ، قال لموقع “أنا إنسان”: “إن أعضاء غرفة التجارة في المجلس المحلي يعملون على حل مختلف القضايا المتعلقة بموضوع الصرف والتعامل بالليرة التركية، بما يتناسب مع الأسواق المحلية ومراعاةً لظروف الأهالي”.

وأضاف: “تحاول غرفة التجارة الحفاظ على مستوى تداول الليرة التركية عوضاً عن الليرة السورية، من خلال وضع تسعيرة موحدة لمختلف المنتجات بالليرة التركية أو الدولار الأمريكي لكن الموضوع قيد الدراسة في الوقت الحالي وسيتم تطبيقه لاحقاً”.

ولا تزال المنطقة تشهداً تخبطاً في أسعار الصرف والمنتجات المحلية دون استقرار نسبي، مما ساهم في انتشار الفوضى في السوق التجارية، التي باتت على شفير الهاوية في ظل تردي الأوضاع المعيشية لدى معظم الأهالي في ريف حلب، والاستغلال المستمر من رؤوس الأموال والشخصيات المسيطرة على الأسواق، دون وجود رقابة محلية وسلطة قانونية تحافظ على استقرار النشاط التجاري.

 

حسين الخطيب – أنا إنسان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *