أخبار

الحمل والإنجاب في مخيمات شمال غرب سوريا.. نسب متزايدة ورعاية شبه معدومة

فقدت رفيف الحسين (٢٥ عاماً) جنينها للمرة الثانية على التوالي إثر إصابتها بسوء تغذية وفقر دم حاد في فترة الحمل لم تستطع تداركه وسط ظروف معيشية قاسية ومخيم يفتقر لأدنى مقومات الحياة في الشمال السوري.

تقول “الحسين” في حديث خاص مع “أنا إنسان”، إن فقدانها لابنها في شهرها السادس أمر طبيعي جراء الأوضاع “المزرية ” التي تعيشها داخل مخيمات دير حسان بريف إدلب، والتي هي عبارة عن خيام بالية لا تقي حر شمس ولا برد شتاء.

نزحت الحسين من مدينة سراقب أواخر عام ٢٠١٩ ليستقر بها الحال في مخيم نائي أشبه ” بالنفى” حيث لا غذاء ولا معونات ولا حتى خدمات.

تضيف ” اضطر كل يوم لحمل المياه من مكان يبعد عن الخيمة التي أسكن فيها بضعة أمتار، ومهما حاولت جاهدة تنظيف خيامنا ومتاعنا تبقى الغبار تسكنها نتيجة طبيعة المنطقة والشوارع الغير مزفتة”.

وتزيد” يؤلمني أنني أواجه مشاكل في الحمل ولست قادرة على إنجاب أخ أو أخت لابنتي صبا البالغة من العمر خمس سنوات، إذ يبدو أن الأمر في هذه الظروف أصعب من المتوقع وسط بيئة تفتقر لما تحتاجه الحامل بشكل كبير”.

حال رفيف يشبه حال الكثيرات داخل مخيمات النزوح شمال غرب سوريا، حيث تعيش الحوامل أشهراً هي الأصعب يتوجب عليها فيها مراعاة صحتها الجسدية والنفسية لتؤمن نمواً طبيعياً لجنينها القادم غير أن ذلك غير متاح وسط وجود العديد من العوائق.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، تسبب تصاعد حدة النزاع في سوريا بتعطيل خدمات الصحة الإنجابية وتزايد خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي وزواج الأطفال.

العيادات قليلة ومسافات طويلة للوصول إليها

سهام الحلو (٣٠ عاماً) أم لأربعة أبناء وحامل في شهرها الرابع، لم تزر طبيبة نسائية منذ بداية حملها لبعد مخيمهم عن العيادات النسائية أولاً، ولغلاء أجور الكشفيات والتحاليل والأدوية الخاصة بالحوامل ثانياً.

تقول “الحلو” حول المخاوف التي تنتابها جراء حملها ” مشاعري مختلطة بين فرح وأمل وقلق وخوف، فزوجي نادراً ما يجد عملاً، وبالكاد نستطيع تأمين قوت يومنا وتلبية احتياجات أطفالنا الآخرين فكيف لنا أن نتدبر نفقات الولادة وما يحتاجه المولود الجديد من ملابس وغذاء ومستلزمات”.

ولا يغيب عنها التفكير ملياً والخوف من حدوث مضاعفات ولادة في منتصف الليل وهنا سيكون الأمر ” محرج للغاية” فلا مراكز نسائية في المخيم ولا سيارات إسعاف ولا حتى يستطيع المرء الاستعانة بأحد ساكني المخيم للخروج ليلاً بسيارته للقيام بدور المسعف خوفاً من قطاع الطرق المتربصين بالمارة وفق تعبيرها.

النساء يحتشد للحصول على الكشف المجاني

في مشفى الأمومة بمدينة الدانا شمال إدلب تحتشد جموع النساء الحوامل للحصول على فرصة الفحص المجاني والمشورة بشأن تنظيم الأسرة والخصوبة ومشاكل الحمل والفحوصات الطبية.

تقول القابلة علياء المحمد (٣٥عاماً) التي تعمل في المشفى أن أعداد الحوامل المراجعات للمشفى في تزايد مستمر ونسبة عمليات الإجهاض والولادة في ارتفاع ملحوظ.

اقرأ: انتشار ظاهرة التسول بين النساء في الشمال السوري.. ما الدوافع والأسباب؟

وتشير إلى أن مشفى الأمومة في مدينة الدانا يقدم خدمات مجانية لقاصديه الذين هم بمعظمهم من النساء الحوامل المقيمات بالمخيمات المحيطة بالمدينة، ولكن هذا لا ينفي وجود أعداد كبيرة جداً من النساء الحوامل اللواتي يصعب عليهن الوصول للمستشفى وللخدمات الطبية بشكل أو بآخر.

وتؤكد على ضرورة متابعة الحامل لوضعها الصحي بشكل منتظم وتصوير الجنين على جهاز الإيكو لتحديد موعد الولادة ومراقبة نمو الطفل وتلافي المشاكل الصحية التي من شأنها أن تنشأ خلال فترة الحمل، والعمل على علاجها وتداركها حرصاً على سلامتها وسلامة جنينها.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) ومجموعة الأمن الغذائي في كانون الأول ٢٠٢٠ يوضح الحالة الإنسانية لشمال غرب سوريا، فإن ٤٢,٣٪ من الأسر تضم على الأقل امرأة حاملاً ومرضعاً، و١٦,٦ ٪ من الأسر لديها أطفال تقل أعمارهم عن ستة أشهر، و٣٠,١٪ لديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة و٢٣ شهراً.

وفي هذا السياق أشارت الدكتورة ناتاليا كانيم المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان بقلق إلى “الظروف الصعبة التي تواجهها النساء والفتيات بشكل يومي في سوريا”، مسلطة الضوء على معاناة ملايين النساء.

وقالت في بيان: “سيستمر اعتمادهن على صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركائه لتقديم الدعم المنقذ للحياة حتى انتهاء هذه الأزمة، الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، وكرامة وحماية النساء والفتيات غير قابلة للتفاوض”.

خاص – أنا إنسان- هاديا منصور

 

تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *