أخبار

“الركبان” بيئة هشة.. تفتقر لأدنى مقومات الرعاية الصحية

يعيش سكان مخيم الركبان جنوبي شرقي سوريا، أو ما يعرف بمنطقة الـ (55)، أوضاعاً معيشية وصحية سيئة للغاية، نتيجة إطباق قوات السلطة السورية وروسيا الحصار عليه منذ سنوات طويلة، وتجاهل الأمم المتحدة مطالب قاطنيه المتمثلة بالرحيل إلى الشمال السوري، عوضاً عن العودة إلى حكم الجلاد مجدداً.

وبينما يتخذ العالم كافة سبل الرعاية الصحية، للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، يفتقر قاطني مخيم الركبان إلى أبسط مقوماتها، الأمر الذي أثار مخاوف السكان من تفشي الفيروس في بيئة غير آمنة صحياً، وهشة في انتقال العدوى، بالإضافة إلى نقص الأدوية والغذاء الصحي.

يحاول مرعي المحمود، الذي يقيم في مخيم الركبان، التأكيد لأبنائه على أهمية النظافة الشخصية، والابتعاد عن التجمعات قدر الإمكان كإجراء احترازي من انتقال العدوى إليهم، في ظل غياب الرعاية الصحية في المخيم، بعدما أُغلقت النقطة الطبية من قبل الأمم المتحدة، وانسحبت إلى الأردن.

في حديث أجراه موقع “أنا إنسان”، مع مرعي المحمود قال: “إن الوضع الصحي لأسرته سيء للغاية، بسبب مرض ابنه، الذي دخل في نوبات صرع جزئي، دفعت النقطة الطبية سابقاً إلى إدخاله الأردن لتلقي العلاج، وبعد الفحص الطبي صُرف له علاج (تجريتول)، وهو (دواء يستخدم في المقام الأول في علاج الصرع، وآلام الأعصاب)، والآن هو بحاجة إلى جرعة من هذا العلاج، ولا يستطيع تأمينه من مناطق السلطة السورية ولا حتى من النقطة الطبية التابعة للأمم المتحدة والتي أُغلقت مؤخراً، ومنذ أسبوع إلى الآن بدأ الوضع الصحي الخاص بالطفل بالتراجع نتيجة انقطاع الأدوية”.

وأضاف: “أنه يعاني من التهابات بالكلى ونوبات رملية، وزوجته لديها ألياف كل ١٥ يوم تتعرض للنزيف، أما والدته لديها التهابات في العين ومرض في القلب وانسداد في الشرايين”. وأوضح عن إمكانية تأمين العلاج لأفراد أسرته قائلاً: “لا يمكن تحمل نفقات العلاج في حال توفرت الأدوية التي يرتفع سعرها بسبب ندرتها، والتي لا تنهي المرض وإنما تقتصر على المسكنات”.

كما أشار إلى انتشار مرض (أبو صفار) أو ما يعرف باليرقان، بين الأطفال وكبار السن، بسبب ندرة الأدوية والعلاج، مؤكداً أن النقاط الطبية المتوفرة تعمل على تشخيص المرض مع صرف وصفة طبية دون القدرة على تأمين أدوية مجانية، وعدم قدرتها على تنفيذ عمليات جراحية كالولادة (القيصرية).

وقال شكري الشهاب، الذي يقيم في مخيم الركبان ويدير إحدى النقاط الطبية لـ “أنا إنسان”: إن المخيم يفتقر لأبسط مقومات الرعاية الصحية، حيث لا يوجد أطباء مختصين والكادر الطبي في النقطتان الطبيتان يقتصر على بعض الممرضين والمتدربين العاملين في مجال التمريض”.

وأضاف: “لا يوجد بيئة صحية آمنة في المخيم، مع ندرة تامة للأدوية، وإذا وجدت تكون بأسعار مرتفعة جداً لأنها تعبر عبر خطوط التهريب وتتعرض للاستغلال من قبل قوات النظام”. وأكد: “أنه لم يتم توثيق أي حالة مشتبه بإصابتها بفيروس كورونا، ولا يمكن انتقال العدوى إلى قاطني المخيم سوى عبر تجار التهريب، ولذلك نقوم بتعقيم البضائع بالماء والكلور”.

وعن الإجراءات الصحية التي اتخذها المكتب الطبي في المخيم قال الشهاب: “قام الفريق الطبي بحملات توعوية داخل المخيم بإمكانيات بسيطة جداً، تم من خلالها شرح طرق الوقاية ومخاطر الإصابة بالفيروس، مما دفع الأهالي إلى حظر تجوال طوعي حفاظاً على صحتهم”. وأشار إلى “أن قاطني المخيم يتخوفون من انتقال العدوى لأن الانتشار سيكون سريع جداً، مع انعدام مواد التعقيم والكمامات والكفوف”

وفي وقت سابق طالبت هيئة العلاقات العامة والسياسية في البادية السورية، منظمة الصحة العالمية بتقديم مساعدات طبية بشكل إسعافي إلى المخيم، وامداده بوسائل التعقيم والحجر الصحي واختبارات الكشف المبكر عن الإصابة، إلا أن النقاط الطبية لم تتلقى أية دعم حتى اللحظة.

عبود الحمادة 33 عاماً، والذي يقيم في مخيم الركبان قال لـ “أنا إنسان”: “إن الوضع الصحي ازداد سوءً بعد إغلاق الأمم المتحدة للنقطة الطبية، وانسحابها للأردن، لأن النقاط الطبية المتوفرة حالياً داخل المخيم لا تستطيع إجراء عمليات جراحية، ونأمل ألا يصل الفيروس إلى المخيم لأن وصوله يعني كارثة حقيقية، ولا نحصل على خدمات أو مساعدات طبية”. 

وأضاف: “أن الوضع المعيشي داخل المخيم سيء للغاية لندرة فرص العمل واقتصاره على البناء ونقل الماء، فقط بينما يجلس من تبقى من قاطني المخيم دون عمل”. وأوضح: “أن المنطقة صحراوية ولا يمكنها توفير بيئة مناسبة للعيش توفر العمل والطعام وغيره، لذلك يعتمد غالبية قاطني المخيم على المساعدات التي أصبحت نادرة جداً كأنها إحدى سبل الضغط علينا للرضوخ للنظام!”.

من جهته الصحفي خالد العلي والذي يقيم في مخيم الركبان قال لـ “أنا إنسان”: “إن جيش مغاوير الثورة أنشأ نقطة محايدة على أطراف منطقة الـ 55، لاستقبال البضائع التي تدخل عبر طرق التهريب، وبالتعاون مع تجار المخيم يتم تعقيمها بمواد أولية كالكلور والماء والتراب أحياناً”.

وأضاف: “بالنسبة للأدوية المتوفرة داخل المخيم هي مسكنات فقط ولا وجود لأي نوع من أدوية الالتهابات، وفقدان حليب الأطفال، كما لا يوجد مساعدات منذ قرابة 9 أشهر، وفرص العمل المتوفرة هي صناعة “اللبن” من الطين والقش لبناء المنازل فقط”.

وأشار إلى أن الأهالي يتخوفون من تفشي الأوبئة والأمراض بسبب عدم توفر أدوية أولية، وانعدام الرعاية الصحية، مع استمرار قوات النظام بالتضييق على سكان المخيم. كما اعتبر أن الحل الوحيد هو إخراج قاطني المخيم إلى الشمال السوري عبر فتح ممرات أمنة من قبل الأمم المتحدة وليس العودة إلى مناطق النظام.

ويقع مخيم الركبان في منطقة صحراوية على الحدود السورية الأردنية، وأنشئ في عام 2014، ويعيش فيه نحو 12 ألف نازح معظمهم من النساء والأطفال ويفتقد لأبسط مقومات الحياة الأساسية. وينحدر معظم قاطني المخيم من أرياف الرقة ودير الزور وحمص وحماة، وتديره فصائل المعارضة المدعومة من قبل التحالف الدولي، التي تتخذ من منطقة التنف المحاذية للمخيم قاعدة عسكرية.

 

حسين الخطيب

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *