أخبار

العيش في الخيمة قدر مئات آلاف السوريين الفارين من إجرام السلطة السورية

خاص – إدلب

بات العيش في الخيمة قدر مئات آلاف السوريين الفارين من إجرام السلطة السورية وحليفها الروسي والإيراني، الذين هجّروا الأهالي من بيوتهم ومنازلهم واستولوا على ممتلكات الكثيرين منهم وأراضيهم وسلبوا منهم الاستقرار في منازلهم الذين ذاقوا الأمرين حتى استطاعوا تشييدها.

يحاول “أبو حسن”، والذي يعيش في مخيم قرب مدينة أطمة شمالي إدلب، إيجاد حل للمسألة المعقدة الناتجة عن انهمار الأمطار الغزيرة على الخيمة المصنوعة من القماش، تلافيا لغرقها في العواصف التي تضرب المنطقة في فصل الشتاء.

يقول “أبو حسن”، الرجل الخمسيني والذي لديه أسرة مكونة من ستة أفرا، في حديث لموقع “أنا إنسان”، إنه هرب في العام 2012 من قريته بريف حماة الشمالي من قصف السلطة السورية وحليفتها روسيا، ليستقر في هذه الخيمة المصنوعة من أعمدة حديد وغطاء من النايلون والقماش وأرضية من الحصى.

حال “أبو حسن” كحال عشرات الآلاف من السوريين الذي فرّوا من إجرام السلطة وانتهاكاتها الغير مسبوقة، بحق السوريين سواء القصف أو الاعتقالات التعسفية وغيرها، ليستقروا في خيام لا تكاد تحميهم من أمطار الشتاء وحرّ الصيف.

يقول “عبد الله” وهو شاب ثلاثيني يعيش في مخيمات مدينة اعزاز شمالي حلب: “هربنا من قصف طائرات السلطة الروسية والأخرى التابعة لسلاح الجو الروسي، والذي دمر قريتي كفرسجنة، لأعيش منذ نهاية العام 2019 متنقلا من خيمة إلى أخرى”.

ثلاجة في الشتاء وجحيم في الصيف

يعاني ساكن الخيام من عدم توفر الخدمات اللازمة لهم، فالطرقات ترابية مليئة بالوحل، ويشترك الجميع في دورات المياه والتي تكون عادة عبارة عن خيمة صغيرة، وفي الشتاء لا توجد وسيلة للحصول على الدفء في ظل بيت مكون من القماش، أما في الصيف فيغدو الجو ملتهبا بسبب أشعة الشمس الحارقة.

 

شاهد بالفيديو: أمطار تغرق مخيمات المهجرين وتزيد المعاناة

 

لذلك يعتبر العيش تحت خيمة خطرا في الحالتين، فلقد احترقت خيام عديدة وتعرض سكانها للموت أو التشوه نتيجة المواد المستخدمة في التدفئة والتي يضطر النازحون لاستخدامها مثل النفايات والأحذية والفحم المستخرج من حراقات الفيول، في المقابل، يكون سكان الخيام عرضة للإصابة بضربات الشمس في فترة الصيف.

مساحة سيطرة المعارضة تتقلص والخناق يضيق على النازحين

في السابق كانت المخيمات في كل مكان تقريبا، لكن مع انحسار نفوذ المعارضة في ظل الدعم الروسي والإيراني المقدم للسلطة السورية، تراصت المخيمات في مناطق صغيرة.

وأدت المعارك التي تواصلت على مدى سنوات طويلة إلى تركز خيام الوافدين من مختلف المحافظات السورية تقريبا، في آخر جيبين تبقيا للمعارضة وهما، مخيم الركبان في البادية السورية بالقرب من الحدود مع الأردن، ومخيمات كثيرة جدا شمال غرب سوريا على الحدود مع تركيا.

يقع مخيم الركبان في منطقة صحراوية، ويعيش فيه قرابة 12 ألف نازح، معظمهم من النساء والأطفال، فر سكان المخيم من المعارك التي دارت سابقا في مناطقهم محتمين بالحدود الأردنية، لكن إغلاق الأردن لحدوده أمامهم جعلهم عالقين في منطقة قاحلة في ظل فقدان أبسط مقومات الحياة الأساسية.

أخبار ذات صلة: مخيم الركبان “بقعة جهنمية” والنازحون يجبرون على مغادرته

في البداية، كانت المساكن المؤقتة عبارة عن خيام، ومع الزمن بنى سكان المخيم بيوتهم من الطوب المصنوع من الطين، في محاولة منهم لمواجهة العوامل الجوية التي قد تعصف بهم، في ظل حصار السلطة السورية وروسيا لهم، بهدف الصغط عليهم لإجراء تسويات، للاستفادة من شبان المخيم وسوقهم إلى التجنيد الإجباري.
وخلال المعركة الأخيرة للسلطة السورية والميليشات الإيرانية وروسيا التي بدأت صيف العام 2019 وحتى آذار 2020، فر من جنوبي إدلب وأرياف حماة وحلب، قرابة مليون شخص، وتوزع معظمهم في خيام بدائية بالقرب من الحدود السورية-التركية.

وبلغ عدد النازحين في مخيمات الشمال السوري وفق إحصائيات لفريق “منسقو استجابة سورية” نحو مليون و49 ألف نازح، موزعين على 1304 مخيمات، وبينهم 410 آلاف طفل، ويفتقر الكثير منهم لمقومات الحياة الأساسية، ومنها مواد التدفئة وملابس الشتاء.

شاهد بالفيديو: معاناة سكان مخيم الركبان مع قدوم فصل الصيف

العواصف تعصف بالمخميات

في كل شتاء تتضرر خيام الكثير من النازحين وتغرق في الأمطار، وسط مناشدات من الأهالي إلى المنظمات الإنسانية من أجل مساعدتهم وتقديم الاحتياجات الأساسية لهم، ولكن الاستجابة تكون خجولة في كل مرة.

وفي شتاء هذا العام وحتى الآن شهدت منطقة شمال غرب سوريا وفاة طفل وإصابة ثلاثة آخرين وتضرر أكثر من 200 مخيم نتيجة الأمطار الغزيرة والتي ترافقت مع الثلوج.

أخبار ذات صلة: ضحايا أطفال نتيجة الأمطار الغزيرة شمال غربي سوريا وتضرر 200 مخيم

 

وفي التفاصيل قالت منظمة الدفاع المدني في إدلب، إن ليل الإثنين – الثلاثاء الفائت، شهد أمطار غزيرة جدا ما أدى لانهيار عدد من الخيام التي بنيت جدرانها من “البلوك” وأسقفها من النايلون، حيث توفي طفل يدعى عبد الرزاق الجوباسي(6 سنوات) في مخيم التمانعة شمال بلدة كللي بريف إدلب الشمالي نتيجة ذلك.

وفي انهيار مماثل لخيمتهم في كفرنبودة بمنطقة عقربات شمالي إدلب، فجر الثلاثاء، أصيب ثلاثة أطفال بجروح، أسعفتهم فرق الدفاع المدني إلى المشفى لتلقي العلاج وعملت على تأمين باقي أفراد العائلة.

ومع استمرار العاصفة المطرية ارتفع عدد المخيمات التي استجابت إليها فرق الدفاع المدني منذ يوم السبت 16 كانون الثاني حتى الثلاثاء 19 كانون الثاني، لـ 200 مخيم في ريفي إدلب وحلب تضررت بفعل السيول والأمطار.

وبلغ عدد الخيام التي تضررت بشكل كلي (تهدمت أو دخلتها المياه) أكثر من 350 خيمة، وعدد الخيام التي تضررت بشكل جزئي ( تسرب إليها الماء أو أحاط بها) أكثر من 2700 خيمة، ويقدر عدد العائلات التي تضررت بشكل كبير، أكثر من 3 آلاف عائلة.

شاهد بالفيديو: أوضاع المهجرين داخل مخيمات إدلب بعد الأمطار الغزيرة

من جانبه أصدر فريق منسقو استجابة سوريا بيانا، قال فيه إن النازحين السوريين في مخيمات شمال غربي سوريا يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة للغاية في ظل العاصفة المطرية وتساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير.

وأضاف أن المنظمات الإنسانية تقف عاجزة كليا عن تقديم الدعم الإنساني للنازحين في محافظة إدلب.

فجوة في تمويل المواد الأساسية شمال غرب سوريا

قالت الأمم المتحدة إن هناك فجوة في تمويل المواد الأساسية بمنطقة شمال غربي سوريا تبلغ 32 مليون دولار أمريكي، كما عبّرت عن قلقها جراء العواصف التي تجتاح المنطقة وتضرر مئات العائلات.

 

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي، إن التقييم الأولي للأضرار كشف تضرر أكثر من 1700 أسرة في شمال غربي سوريا نتيجة الفيضانات، ودمار أكثر من 200 خيمة، كما تعرضت أكثر من 1400 خيمة لأضرار.

وأضاف أن العاملين في المجال الإنساني وزعوا المساعدات الشتوية على 2.3 مليون شخص في عموم سوريا، ويشمل ذلك المساعدات الضرورية للوقاية من البرد، بما في ذلك أكياس النوم والملابس الشتوية ووقود التدفئة، فضلاً عن المساعدة في إصلاح واستبدال الخيام.

ولفت إلى وجود ما سمّاها “فجوة في التمويل” وقدرها بـ 32 مليون دولار، كي يتم تمويل المواد الأساسية للمخيمات.

 

 

 تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

 

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *