أخبار

انتصرت على الحرب … واعدت بناء حياتي من جديد

لافا خالد – سويسرا – خاص ” أنا قصة إنسان “

اسمي آلان مراد تولد عام 1983 … أب لولدين، و الشاب الكردي المتمرد …هكذا عرفت نفسي التي اعتمدت عليها وحدها في بناء حياتي المليئة بالأحداث والمغامرات، ولدت في وادي المشاريع (زورآڤا) بدمشق، وقضيت معظم أيام حياتي في دمشق الياسمين ورسمت فيها أحلامي… ترعرعت في كنف عائلة بسيطة كنت الأخ الأكبر فيها وحصلت على شهادة الثانوية العامة أول مرة عام 2002 ومرة ثانية عام 2003 إلا أنني لم أستطع إتمام دراستي بسبب سوء الظروف آنذاك وإصراري على العمل لمساعدة والدي رغم معارضته الشديدة لقراري ترك تعليمي، ومع ذلك كنت ولا زلت أعشق القراءة ..قرأت الكثير من كتب التاريخ والسياسة والفلسفة .. وانصرافي الشديد للعمل انعكس سلبا على مسيرتي الدراسية إلا أنه لعب دوراً كبيراً في بناء شخصيتي.

6 بدأت مسيرتي المهنية وتدرجت فيها علواً حتى أصبحت في السنوات الأخير قبل الثورة مقاولاً ميسور الحال لدي منزلي وعملي الخاص. تعرضت للاعتقال قبل الثورة ثلاث مرات، الأولى عام 2004 أثناء انتفاضة الكرد في القامشلي، والمرة الثانية كانت عام 2009 قضيت فيها عشرة أيام في السجن الانفرادي، أما الثالثة قضيتها أسبوعا في سجن عدرا المركزي على خلفية مشاجرة بيني وبين ضابط مرور برتبة رائد – مسؤول قطاع المدينة – لينتهي بي الأمر في السجن ظلماً وعدواناً.

حين بدأت الثورة السورية في آذار عام 2011 كنت من أكثر التواقين لها وشاركت فيها بفعالية كشاب كردي تعرض للاضطهاد من النظام البعثي الشوفيني، وحرم من معظم حقوقه وكسوري تواق للحرية… ولكن ومع تطور الأحداث اضطررت الى الخروج من دمشق والانتقال مع عائلتي الى المناطق الكردية بسبب تجدد الملاحقة الأمنية لي، ومن هناك تابعت ثورتي على الظلم والقمع والديكتاتورية مع عشرات آلاف الشباب والشابات الكرد الذين صدحت أصواتهم بإسقاط الطاغية ونظامه القمعي الفاسد وبناء سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية علمانية يسودها القانون والعيش المشترك. زيننا ثورتنا بالأعلام والشعارات التي جسدت الفسيفساء السورية …شعارنا في الحياة كان ولا يزال المطالبة بحقوقنا التي تبدأ من الاعتراف بحقوق الآخرين واحترام كرامة الإنسان …رفضنا دعوات نظام الأسد للحوار لأن أخلاقنا لم ولا تسمح لنا بمصافحة قتلة الشعب السوري …افتخرنا بثورتنا لأننا قمنا بها كما يجب أن تكون ..ثورة سلمية ..ثورة حرية ..ثورة كرامة ..وثورة طالبت أيضا بحقوق عموم الشعب السوري والشعب الكردي الذي يعيش على أرض آبائه وأجداده التاريخية وإعادة الحقوق التي سلبتها الأنظمة القمعية المتعاقبة على حكم سوريا إلى أصحابها الأصليين …لكن ونتيجة تدهور الأوضاع اضطررت للهجرة مرة أخرى نحو إقليم كوردستان العراق.

 في البداية شعرت بأن صفة اللاجئ التي أسقطتها الظروف علي قسراً هي نهاية كل شيء، أحلامي ومشاريعي المستقبلية ونهاية ثورتي… قضيت أياماً وليالٍ أراقب شاشة الحاسوب بحثاً عن أشياء شعرت باني قد أضعتها، وجدت نفسي تائهاً أتحسر على منزلي الذي تركته في الوطن كلما نظرت إلى جدران المنزل المستأجر المتهالك …كنت كلما نظرت لطفلي الوحيدين تسقط الدمعة خلسة من عيني، أما والداي وأخوتي ..فعلى الرغم من أنهم اعتادوا الاعتماد علي في معظم أمور حياتهم إلا أنني كنت أشعر بملامتهم لي على كل شيء ..والسبب هو أنني كنت أحد أسباب هجرتهم وعلاوة على ذلك أصبحت عاطلاً عن العمل مقيداً بذكرياتي في كل الأمور…لقد وجدت نفسي للمرة الأولى في حياتي على حافة الفشل .

ذات يوم وبينما كنت أسير في المخيم أفكر وحيداً بمخرج لأزمة أيقنت أنها ستطول وتكبر مالم أجد لها حلا لمحت عيناي شعار الصليب الأحمر الفرنسي ..استوقفني إعلان ملصق على البوابة الرئيسية عن شاغر وظيفي لموظف تقني، قرأت الإعلان وشعرت بأني الشخص المناسب لتلك الوظيفة فتقدمت لها وبالفعل تم قبولي، وعلى الرغم من أني كنت قد عملت متطوعا في عدد من المخيمات مسبقاً إلا أنني لم أشعر بالتفاؤل والسعادة والإصرار على البداية من جديد كما شعرت في تلك اللحظة، وهنا أيقنت بأنه على الرغم من أننا لانعرف ما تخفيه الأقدار لنا إلا أننا نستطيع أن نصنع أقدارنا إن توفرت العزيمة والإصرار على تحدي ظروف الحياة القاسية ….

4زرت الكثير من المخيمات تحت تلك الخيم الصغيرة، وشاركت اللاجئين والنازحين آلامهم وأحلامهم البسيطة وأشواقهم للوطن …وطن لازالوا يتحملون برد الشتاء القارس تحت قماش الخيمة على أمل العودة اليه، وأنا… لا زلت أشاركهم أمل العودة وأنتظر في كل ليل فجر شمس الحرية التي لا بد لها أن تشرق يوماً على وطني … وإلى ذلك الحين سأبقى أواسي أحلامي بابتسامة أطفال المخيمات التي تتحدى قساوة الأيام، ونظراتهم إلى ذلك الهلال الأحمر المنقوش بلوغو الصليب الأحمر الفرنسي.

ولا زالت حياتي كما كانت… ليست لي، فلست كأبناء جيلي ذاك الشاب التواق إلى كماليات الحياة، أعمل ليل نهار لأجل أهدافي ومبادئي ومشاريعي التي لا زلت عازماً بقوة وإصرار على إكمالها، وفلسفتي في الحياة هي: “يموت الانسان حين يتوقف عن الحركة “.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *