أخبار
حلم ... مع وقف التنفيذ

حلم … مع وقف التنفيذ

عبد الباسط فهد

عندما كنت صغيرا أكثر مما أنا عليه اليوم كانت كل الاشياء التي أحبها بسيطة واحلامي كانت بحجم هذه الأشياء . كان يكفيني أن تعطيني والدتي 5ليرات لأشتري مستلزمات أكلة المحشي لأكون متيقنا أنني سأوفر أجار الدخول الى السينما ويمكن أن ادخر ثمن رواية لنجيب محفوظ أو بلزاك او همنغواي وعبدالحليم عبدالله من على سور حديقة الدبابير او تصوينة السرايا.

وكانت هذه المسألة بموجب اتفاق بين الطرفين انا وأمي بأن أشتري لوازم البيت ومايزيد يصبح مصروفا حلالا لي أشتري فيه ما يناسبني طبعا كان كلانا يتشاطر على الآخر فتقوم هي برفع عدد الحاجيات حتى لايكاد يتبقى من الخمس ليرات شيء واقوم أنا بتقليصها ليصبح الوفر حوالي النصغ ليرة وهي تكفي لدخول السينما مع مجلة الصين المصورة او حواء واحيانا قيمة رواية أو مجموعة قصصية . بعد أن أصبحت صاحب دخل اختلفت احلامي وتغيرت متطلباتي وصار لأقساط البنك حصة من دخلي الشهري وصار تطوير المكائن في معمل والدي هاجس مستمر يتطلب مني دائما البحث عن مصادر لسداد مايستحق عليا من رسوم وأقساط قيمة هذه المكائن .

لم يعد شراء الكتاب حلما ولم يعد حتى شراء لوحة فنية لأحد اصدقائي الرسامين مسألة تحتاج للادخار كما صار المشوار الى البحر او الجبل وحتى السفر الى بلاد بعيدة امرا ممكنا طالما ان الغاية بالنتيجة هي البحث عن اسواق وعن فرص عمل جديدة . لكن ما أصبح مختلفا هو الموقف من الحياة ومن الشأن العام ومن قضايا الناس والمجتمع اصبح الهم العام يأخذ الكثير من الحياة اليومية من خلتل تواجدي في مواقع تمس بالحاجات العامة للمجتمع .

حين بدأت الاحتجاجات بالشوارع قبل 6 أعوام تقريبا واتسعت نقاط التظاهر وهتافات تطالب بالتغيير كنا نتسمر أمام شاشة الفضائيات ولا تكاد تصدق عيوننا مانرى ولا أذاننا ماتسمع فالشعب صار يطالب بالتغيير ويواجه بنادق الشرطة والعصي الكهربائية والمسيلة للدموع بصدور عارية معها بدأت تداعيات الربيع العربي الذي كان يسري في مفاصل دول عديدة مما صار يطلق عليها دول الربيع العربي والتي صارت حكايا مظاهراتها أساطير ترددها الشعوب في كل منتدياتها .

اليوم وبعد مضي 6 سنوات على بداية الحراك ومرور 4سنوات على الحصار أسال نفسي هل كان لابد من كل هذه السنوات العجاف ليحقق الشعب مايريد ؟وهل كان ضروريا سفح كل هذه الدماء ؟وهل فعلا يتطلب الأمر كل هذه الآلاف من المعتقلين والمغيبين والمخطوفين؟ وكل هؤلاء الشهداء. ؟ السؤال اليوم :هل يحتاج التغيير كل هذه الأثمان ؟وهل فعلا كانت دول أصدقاء الشعب السوري مع حق هذا الشعب بالارتقاء الى نظام سياسي يستطيع ان يحقق لشعوب مكبوتة لعقود بعصا من كرامتها وحريتها؟ هل فعلا العالم وخاصة القوى الإقليمية ينظرون بعين الرضى والقبول للتغيير الديمقراطي والتطور السياسي في هذه المجتمعات؟ أحد الاصدقاء كان في كل حوار بيننا يعيد تفاصيل مرحلة الخمسينات ودستور الخمسينات وأنها كانت حقبة سياسية أكدت للجميع ان هذا الشعب يستحق أن يعيش تجربة الانتقال الى التطور الديمقراطي ويحقق شعار المواطنة والعدالة الإجتماعية أسوة بغالبية شعوب الأرض . اليوم أصبحنا نعيش تحت كوابيس عديدة من التطرف الديني بمختلف مشاربه الى تطرف التشليح والتغول الأمني وصار لكل حالة من هذه الحالات الشاذة محازبيها والمتاجرين بها والساعين لتحقيق مصتلحهم من خلالها . مهما صار ومهما ادلهم الخطب نبقى نبحث عن حقنا بالحياة وبالتغيير الديمقراطي ونبقى نطالب بالحرية .

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *