أخبار

دفنتها بيدي … وأكملت طريق لجوئي نحو السويد

مالك أبو خير – خاص ” انا انسان “

” يا دكتور دخيلك طمني بعدها عايشة … بحياة الله لا تسايرني قلبي عم يغلي نار من جوا عليها …” الطبيب حاول قدر الامكان ان يماطل بالإجابة، فقد شعر ان الاب قد لايتحمل اي صدمة، كان بحالة مزرية بعد رحلة طويلة.

رحلة بدأت من دمشق مع ابنة محمد عبود فلسطيني سوري من سكان مخيم اليرموك حين انطق في رحلة املاً للوصول نحو دولة السويد في اوروبا، كانت بدايتها عبارة عن فيلم مليء بمشاهد الإثارة والمفاجآت، فقد انطلقت بهم سيارة مهرب يتعامل مع عناصر الحواجز التابعة لقوات النظام، متكفلا بإيصالهم نحو حمص وتحديداً نحو استراحة الرسول الاعظم، حيث بدأت المرحلة الثانية بتبديل السيارة مع مهرب اخر قادر على الحركة في مناطق تابعة لسيطرة المعارضة متجها بهم إلى مدينة ادلب، وباص ثالثة كان بها 16 راكب غيرهم وكلهم متوجهين نحو الحدود التركية وبعدها نحو اوروبا.

صاحبة القصة رغد عبود التي توفيت اثناء هجرتها الى السويد مع والدها
صاحبة القصة رغد عبود التي توفيت اثناء هجرتها الى السويد مع والدها

كان شعور الخوف داخلها لا يفارقها، مضيفا الاب:” كانت ابنتي رغد تشعر بالأشياء قبل حدوثها، كانت رقيقة الى ابعد حد وكانت ومازالت قلبي الذي ينبض، عند كل حاجز كانت تمسك بيدي واحاول قدر الامكان ان اعطيها شعور الامان وانني بجانبها، كان كل همي ان نصل الى السويد ونلتقي بأخوتها الذين سبقوني الى هناك”.

وتابع “كان مسلسل الرعب ان يتم اعتقالنا على الطريق من قبل اي جهة مهما كانت تسميتها، وقد كان الرعب الحقيقي لدينا حين وصلنا الى حاجز يتبع لتنظيم داعش حيث عشنا ساعتين من الرعب المتواصل، وخصوصاً عندما طلب مني المسؤول عن الحاجز تزويجها لأحد المقاتلين وكان ضخماً ودخلت معه بنقاش كنت مستعداً أن اموت ذبحاً ولا ان اسمح لواحد منهم بان يلمس شعرة واحدة من رأسها، مارسوا علينا ضغطاً نفسيا كبيراً حيث قاموا بتفتيش كل شي نملكه وقاموا برمي ومصادرة اي شيء بحجج سخيفة ولكن ذلك لايهم مادام استطعت العبور من مناطقهم وكانت ابنتي معي”.

ووصلوا الى منطقة تسمى “خربة الجوز” بريف مدينة ادلب، والتي يعبر منها اللاجئون نحو الحدود التركية ” بشكل غير نظامي ” حيث انتظر الاب المهرب الذي سيقوم بايصالهم إلى الجانب الآخر، وبدأت رحلة العبور بدايتا بالاختباء من مرصد الجنود الاتراك لمتابعة الطريق، لخبرنا الآب:” خلال العبور شعر المرصد بنا فبدأ اطلاق نار كثيف تاهت رغد من يدي وكان الريح سحبتها ولم اشعر نفسي الا وانا على الارض فيما اصوات الصراخ من جميع الموجودين وبدأت معهم اصرخ باسم ابنتي علها تسمعني وبالزحف على الارض حيث كان الرصاص يمر من فوق راسي ومن ثم توقف اطلاق النار وهجم الجنود نحو مكان وجودنا ورغم ذلك بقيت ازحف الى حين وجدتها ولم استوعب منظر الدماء من حولها الا بعد عدة دقائق فقد كانت تعرضت لعدة طلقات وكانت تنازع انفاسها”.

بعد صراع طويل استطعت ان اسعفها وعدت بها نحو الاراضي السورية ووصلت بها نحو اول مشفى ميداني لكن ضربات قلبها لم تسعفها وتوفيت مع اول لحظات دخولها لغرفة العمليات”.

صورة رغد بعد وفاتها وقبل دفنها بساعة واحدة
صورة رغد بعد وفاتها وقبل دفنها بساعة واحدة

كان الارتباك على وجه الطبيب واضحاً كيف سيخبرني بوفاتها، لكنني استوعبت الامر .. حاولت أن اقبلها قدر ما استطعت … أن اضمها واغني لها كما اعتدت دائماً … بكيت وانا امسك يديها وهي جثة هامدة انني لن استطيع ان أؤمن لها الامان وبكيت اكثر ان يدي لم تمسك بها جيداً.

كان يوماً قاسيا … دفنتها واكملت طريقي نحو دولة السويد … فلم يعد لي شيئاً هنا … لم يعد سوى قبرها الذي اتمنى ان ازوره ولو مرة واحدةً قبل أن اموت.

تم نشر القصة مع الصور المرافقة لـ رغد بعد موافقة الاب الذي قدم لـ ” أنا قصة إنسان ” الصور 

وقد تم نشر كافة الصور بعد موافقته 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *