أخبار

رصاصته المتفجرة … سببت لي الشلل

خلود حدق – خاص ” أنا قصة إنسان” 

رصاصته أصابتني في العمود الفقري وتعرض النخاع الشوكي لضرر كبير، فأنا لم أتوقع أن يطلق علينا رصاص متفجر، فنحن كنا مجموعة من النسوة نحمل اغصان الزيتون وقد قررنا ان نقيم إعتصامات في سبيل وقف القتل اليومي الذي يمارس بحق المتظاهرين.

فلم أتوقع لحظةً أن يطلق رجال الأمن الرصاص على النساء، فنحن كنا عزل من السلاح وقفنا بسلام نطالب بحريتنا وكرامتنا، وكان الرد من رجال الأمن الرصاص تماماً كما فعلوا مع المظاهرات التي انطلقت من قبل شبان تظاهروا قبل يومين من إصابتي في ساحة العاصي بحماة واطلقوا عليهم النار فقتلوا 70 شاباً دون أي رحمة إو شفقة، ومن ثم ادعوا أنهم كانوا يحملون السلاح رغم انهم كانوا مثلنا يحملون أغصان الزيتون.

من أمام جامع السرجاوي كنت مع والدتي وتحديداً بتاريخ  7-7-2011، حيث أطلق الامن التابع للنظام السوري النار علينا، كان هجومه شرساً ووحشياً وكأننا اعداء له، أصيب العديد من النسوة بينما كانت الرصاصة التي اخترقت ظهري كفيلة لأن تسبب لي الشلل.

فاتن أبو شاهينوجود الرصاصة في الفقرة القطنية الثالثة بظهري، جعل الاطباء في المركز الطبي عاجزين عن فعل شيء، وخصوصاً أن المدينة حينها كانت ضمن حصار وتعاني نقص بالأدوية، وكانت النتيجة خروجي من المشفى على كرسي متحرك، وخرجت فوراً الى مصر على أمل العلاج لكن سرعان  ماعدت إلى سورية لأن حالتي بدأت تتراجع بسبب إهمال العلاج و لم أستطع الحصول على العلاج في مصر . وحسب نصيحة الطبيب أن كل ما يلزمني هو علاج طبيعي ( فيزيائي ) لأعصاب القدمين لأتمكن من المشي مجدداً لكن للأسف التعامل مع حالتي بشكل خاطئ بسبب تردي أساليب العلاج أدى إلى كسر مفصل الورك و تلف الآخر . فقمت باستشارة طبيب يدعى سامر فاخوري فقرر إجراء عملية تركيب مفصل صناعي للورك و بسبب عدم قدرتنا المادية تبرع الطبيب مشكورا بالعملية كاملة . لكن بعد ثلاثة أشهر من تركيب المفصل أصبت بآلام لاتوصف فقمت بإستشارة طبيب آخر يدعى حسام الدين غزال و عند الفحص و حسب الصور و الأشعة تبين أن الطبيب السابق قد ركب المفصل بشكل خاطئ مما سبب تشوه بعظم الورك و ليس أمامنا سوى نزع المفصل عن طريق عمل جراحي آخر و فعلا تم ذلك الحمد لله بهمة الطبيب و متبرعين آخرين . لكنني هنا فقدت الأمل بالمشي مجدداً لأنني أضحيت بلا مفصل يرتكز عليه الورك مع العلم أنني أصبحت أستطيع تحريك قدمي بشكل جيد مع مرور الزمن . وما زاد الأمر سوءاً سقوطي من أعلى الدرج أنا و الكرسي مما تسبب بشلل يدي لمدة ستة أشهر لكنني استعدت حركتهما بالعلاج الطبيعي لكن أثار الصدمة تجلت بألمهما عند تحريك عجلات الكرسي.

رغم هذا الكم من الوجع … طرق الحب باب قلبي رغم بعد المسافة بيني وبينه ، حيث كان يقيم في دولة الامارات وقررنا أن نلتقي في الاردن وتزوجنا في 30 – 8- 2013 وبدأت فصول اخرى من المعاناة بدأت بعدم توفر فرص عمل وعدم وجود أي منظمة تمد يد العون إلينا، فأوجاعي لم تكن تفارقني و يزيدها ضيق الحال المعيشي فحاولت الحصول على كرسي كهربائي يخفف عن عبئ الألم عن طريق منظمات لكن للأسف لم يلبي ندائي أحد.

كانت تركيا خيارنا الثاني وكانت البداية بها صعبة حتى استقرينا في مدينة مرسين حيث كان الوضع أفضل بقلي، مازلت أعاني من أوجاع إلى الآن و آلام تصل بي حد الإغماء أحيانا و لم تعد المسكنات تجدي نفعاً، حتى الأدوية ليس لدينا القدرة على شرائها و لا يشملني العلاج و الأدوية المجانية لأن هويتي من مدينة الريحانية و يمنعني القانون التركي العلاج في مرسين فأضطر إلى إحضارها عن طريق هوية زوجة أخي وهذا ما يزيد معاناتي . لم يعد الكرسي يشكل لي عائقا كبيراً ، ربما لأني تعودت على وجوده في حياتي لكنني مازلت أحلم باليوم الذي سأعود و أمشي فيه و أنجب طفلاً لتكتمل عائلتي و أحمله و ألعب معه كأي أم . لكن يبقى الحلم الأكبر هو العودة إلى سوريا و لقاء الأحبة في حضن دافئ بعد أن مزقت أفئدتنا آلام الشتات .

لو يعلم عنصر الأمن الذي اطلق رصاصته على ظهري ماذا فعل بي … قد يكون حياً أو مات في الحرب … لكنني لا أستطيع مسامحته … فقد دمر حياتي وسبب لي الشل فقط لأنني تظاهرت بشكل سلمي.

نسيت أن اعرفكم بنفسي … اسمي فاتن ابو شاهين من مدينة حماة …

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *