أخبار

رغم الألم «كعك العيد» طعم ممزوج بالحياة في ادلب

تشتهر محافظة إدلب كغيرها من محافظات سوريا بقائمة طويلة من الحلويات والمعجنات المصنعة في المنزل، وتبيع المحال التجارية بعض أنواعها خصيصاً مع قدوم الأعياد، وتتميز بطعمها وغناها بأنواع المكسرات كالبقلاوة، والوربات، والقطايف، لكن أبواب هذه المحلات مغلقة في وجه الفقراء، وتقتصر حركة البيع فيها على ميسوري الحال.

الأمر يترك غصة لدى كثيرين، ومنهم فاطمة الأشقر (33عاما) التي تتألم «لرؤية أطفالي ينتظرون عيد الأضحى بفارغ الصبر، وأنا غير قادرة على إدخال الفرحة إلى قلوبهم بسبب فقرنا، وعدم وجود معيل لوفاة زوجي في إحدى غارات الطيران على مكان عمله، فنحن الفقراء لا عيد عندنا. أسعار الحلويات والملابس مرتفعة بسبب استغلال بعض التجار هذه المناسبات لتحقيق ربح كبير».

إلا أن الحاجة منى الأخرس (55عاما) تصر على صناعة حلويات عيد الأضحى رغم الألم والموت. صناعة الحلويات تستدعي بالضرورة اجتماعاً لأقارب وأصدقاء لإعدادها في طقس جماعي يستدعي الفرح رغم الخراب، فلقاء العائلة للبحث عن فسحة في هذا الوقت هي كي «نجتمع لصناعة الكعك والحلويات بعد أن تفرقنا في ظل الهجمة الهمجية التي نتعرض لها من قبل النظام وأعوانه، فطقوس العيد ومنها صناعة الحلويات توارثناها، وهي إحدى رموز تراثنا وتمسكنا بأرضنا، فأنا أسعى إلى إسعاد أبنائي وأحفادي في هذه الأيام لإخراجهم من أجواء القصف والدمار».

كذلك تفعل أم محمد التي تخبز كعك العيد لأطفالها المنهكين من قسوة ما يدور في إدلب وريفها لتخرجهم من حالتهم النفسية وتشعرهم ببهجة العيد، حيث تصر على الاحتفاء بطقوس العيد دون أن تلقي بالاً لغلاء الحلويات، معتمدة على مطبخ المنزل في استعادة لطقوس الجدات والأمهات كما كل عيد، حيث تعبق رائحة الكعك «في الحارات والأبنية مبشرة بقدوم العيد، وللتحضير أجواء خاصة إذ تتعاون السيدات في تحضير وجبات المعمول والكعك، فهذه الأنواع من الحلويات صعبة التحضير ولا تجدها في البيت خارج أيام العيد، حيث تجتمع السيدات منذ ساعات العصر لعجن العجين وتحضير الحشوة فتستلم كل سيدة مهمة، وغالبا لا تنتهي حملة التحضير إلا في ساعات متأخرة من الليل»، حيث تجتهد ربات البيوت بصناعة البيتي فور والغريبة والمعمول والبرازق وكعك العيد، إذ تتصدر هذه الحلويات الاستعدادات لقدوم العيد.

فيما تصف أمل الخاني (45عاماً) حال المدن والبلدات بالحزينة وتفتقر للكثير من الحاجيات الأساسية التي يحتاجها العيد، مضيفة «لقد قمت بشراء المواد الأساسية لصناعة حلويات العيد نظراً لعدم وجود محلات الحلويات نتيجة الأوضاع الأمنية»، كما أستمتع مع أولادي وأطفال العائلة بتحضير كعك العيد الذي يتطلب «مهارة عالية وخبرة في تحضير العجينة الخاصة به، وتعد التوابل المضافة هي كلمه السر في مدى لذة طعم الكعك حيث يدخل في تحضير العجينة الخاصة بالكعك الطحين والسمن والزيت ليضاف إلى مجموعة واسعة من التوابل تضم المحلب والسمسم وحبة البركة والشمرا وجوزة الطيب بالإضافة للقرفة واليانسون والزنجبيل ثم تشكل عجينة على شكل أقراص يتم شيها في الفرن».

من جهة أخرى يوضح معتز الحسن (37 عاماً) صاحب أحد المحال التجارية في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي أن الإقبال ضعيف هذا العام بسبب القصف الممنهج الذي يطال الأسواق والأماكن المزدحمة بالإضافة للنزوح عدد كبير للأهالي بسبب كثافة القصف عليهم، وعدم توافر المال لدى العديد من العائلات بسبب انتشار البطالة وقلة العمل مما يحرمهم من شراء حلوى وملابس العيد ويتابع أن العام الفائت كانت حركة الأسواق مكتظة بالناس مع أن الأسعار هذا العام مماثلة للعام السابق.

هنادي درويش

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *