أخبار

طرطوس … موجه كورونا الثانية تضرب المدينة وسط عجز طبي

اجتاح فايروس كورونا العالم منذ بداية عام 2020 وهدّد العديد من القطاعات الصناعية والصحية وحتى الاجتماعية، حيث اضطر غالبية العالم مع بداية انتشاره للإغلاق الجزئي وحتى التام، وعن قرب في سوريا بدأت الدولة السورية بتطبيق الحجر الجزئي منذ بداية السنة لمنع انتشار الفايروس بين الناس، ولم تعلن في البداية عن أية إصابة، ولكن فجأة بدأت أعداد الإصابات بالتصاعد وهذا مستغرب جداً في بلد مغلق الحدود والمطارات، ولكن بعيداً عن هذه النقطة ومع وصوله لم ترتفع الإصابات إلا في يومنا هذا، والأسباب كثيرة منها أنّ معظمنا لم يطبّق الإجراءات الوقائية والدولة لم تساعد على هذا، ففي بلد مثل سوريا ملأته الحرب لم يعرف التنظيم حياته، فبإمكانك تطبيق الإجراءات الوقائية وكلّ شيء ولكن لا تستطيع تطبيقها ضمن طبقة الشعب الكبيرة وخاصة مثلاً في المواصلات العامة على أقلّ تقدير.

مدينة طرطوس التي وصلها الفايروس مبكراً تتعرض اليوم لموجة ثانية وتسمّى بالأصعب، حيث تقدر أعداد المصابين بال 513 مصاب، والتي نجمت عن الاختلاط الواسع بين السكان دون تطبيق الإجراءات الوقائية بشكلها النظامي.

شاهد بالفيديو: كورونا في سوريا.. انتشار سريع وتحذيرات دولية من كارثة

تمنع مشفى الباسل الحكومية في طرطوس والتي يقصدها معظم السكان من دخول الناس التي تريد فحص طبيعي أو أي فحص صحي من دخولها، ويحكى أنّ السبب هو بدء امتلاء الحالات الخطيرة من فايروس كورونا، ولذلك لن تستقبل اليوم سوى الحالات الإسعافية والخطيرة من المرضى، ففي تفجير الصومعة في المرفأ الذي حدث مؤخراً سُعفَ إلى المشفى ست حالات لعمال محروقين من الدرجة الثانية وتمّ تخريجهم بعد فترةٍ قصيرة وذلك يعود كلّه إلى ازدياد حالات مرضى الكورونا.

الوضع الصحي اليوم في مدينة طرطوس سيء نسبياً، وفي الحديث عن مشفى الباسل؛ تتسم المشفى بسوء خدمتها وتعاملها مع الناس من قبل انتشار جائحة كورونا، فالاهتمام فيها قليل بالنسبة لمشفى تشرين الحكومية في اللاذقيّة مثلاً، حيث تحدثنا مرام ” 50 عاماً – موظفة في مديرية الزراعة في طرطوس” عن حالة أختها المتوفاة منذ 7 سنين عندما كانت تنقل الدم لحالة محتاجة، فبعد فترة 10 أيام تعرضت أختها لفايروس الكبد والذي أخذته من مشفى الباسل -لسوء التعقيم الصحي – من الدرجة الخطيرة وتوفت بعد أسبوع تماماً دون الرعاية الصحية المناسبة لها، وأمّا سعيد والذي يعمل اليوم كسائق تكسي يرفض تماماً إسعاف أي حالة من أهله بعد وفاة زوجته من جرعة تخدير زائدة في المشفى والتي تعرضت لها بعد أن سلّمت عمليتها القلبيّة لطلاب دون تواجد أطباء خبيرين.

شاهد بالفيديو: نظام أسد ينفي إشاعة تفشي الفيروس في سوريا

تعرف اليوم مشفى الباسل بسوء خدمتها وحتى بقلّة الاعتناء بالنظافة المطلوبة في أيّ مشفى كانت، بدءاً بالعاملين الموجودين فيها وحتى البناء ككل، ومع ذلك كان يقصدها معظم الناس من العامة وتزدحم جداً لرخصها، وتطول مواعيد الفحص فيها لكثرة المرضى، ولذلك يلجأ البعض لأطباء العيادات الخاصّة والذين يعرفون بسرعة الفحص ولكن بغلائه أيضاً، وعلى جانب المستوصفات الصغيرة التي تنتشر في الأرياف فمعظم الممرضين يتفقون فيما بينهم لتقسيم أيام الدوام عليهم لكي لا يحضرون وظيفتهم يومياً، فموظفيّ طرطوس بشكلهم العام يمارسون هذه الاتفاقيات منذ وقتٍ طويل، وفي المستوصفات سترى الكثير ممن توظفوا تحت سلطة الواسطات والمنتشرة بكثرة في هذه المدينة الصغيرة والتي تقوم على “المونة” بين الناس حتى في ظلّ جائحة خطيرة.

الغلاء لم يمسّ الأسواق فقط، فالرقابة الصحية على أطباء العيادات كانت مختفية تماماً، فالبعض اليوم يرسّم المعاينة فقط بخمسة آلاف وحتى الستة، إضافة لغلاء الصور المخبريّة وكل ما يرتبط بالفحص الصحيّ الخاص.

يتعرّض المواطن اليوم لأزماتٍ صحية خطيرة، فبعد الغلاء العام المعيشيّ ارتفعت حتى أسعار الدواء وقبل فترةٍ ليست بالبعيدة انقطعت معظم أنواع الدواء في مدينة طرطوس، والسبب بدء معظم الصيادلة بمعاملة الوضع الصحيّ كالسوق التجاريّ وبدأوا يخبئون الأدوية لمعرفتهم بأنّ الغلاء سيلحقها أيضاً! وحاولت الدولة السوريّة حسب قولها وبياناتها التحذيريّة بأنّها ستغلق أي صيدلية تخبئ أدويتها أو تبيعها بأسعارٍ عالية، ومع ذلك لم تشهد مدينة طرطوس لا رقابة ولا شيء وفعلاً تضاعف سعر الأدوية حوالي أربعة لخمسة أضعاف.

شاهد بالفيديو: تسجيل أعلى إصابات بفيروس كورونا في مناطق سيطرة النظام

التأمين الصحيّ الحكومي للموظفين أيضاً بدأ يحذف بعض التأمينات الصحية، فالمعاينات التي تكلّف الدولة بدأت بالتراجع عنها وإبلاغ الموظفين الذين يريدون إتمام فحص ما بأنّ الدولة لا تستطيع كفل هذا الفحص، وبالتالي الحجّة التي كانت تقولها الدولة السوريّة منذ البداية بأنّ الصحة في سوريا مؤمنة لم تعد كذلك!

وبالعودة لجائحة كورونا فاليوم تعرّض معظم الأطباء للفايروس لنقص المعدات الوقائيّة الصحية، وبذلك أصاب الفايروس الطبيب والناس العاديين، واليوم يحاول الشخص المشتبه بحالته من دخول المشفى ويمنع من ذلك لقلة أسطوانات التنفس، فيمنع أي مصاب أو مشتبه بالإصابة من دخول المشفى ويطلب منه الحجر البيتي، وعلى جانبٍ آخر لم ينتبه معظم الناس من أنّنا في طقس الشتاء والذي ينتشر فيه فايروس الكريب والذي نتعرّض له جميعاً والذي أيضاً تشبه أعراضه أعراض فايروس كورونا، ولذلك قد يشتبه بالمصاب بفايروس الكريب بأنّه مصاب كورونا، وقد تكون الأعداد التي تحصيها الدولة السوريّة بأنّها أعداد مصابين بفايروس كورونا قد يكون البعض منهم مصابين بفايروس الكريب أو ذات الرئة، حيث لم يتمّ تقديم المسحات لمعظم المشتبه بهم وتكتفي المشفى بإجراء صورة مخبرية للصدر والرئتين فقط.

أخيراً ليس معروف حتى هذه اللحظة إن كان هذا الانتشار الكبير سببه فعلاً الجائحة التي أصابت العالم أو أنّها فقط لطلب المساعدات الصحية الدولية في ظل العقوبات على الدولة السورية، ومع ذلك يبقى الاهتمام الصحي في مدينة طرطوس موصوف بالسيء من قبل الجائحة وحتى اليوم.

 

حسن محمد – طرطوس – خاص أنا إنسان 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *