أخبار

طفل سوري يبيع لوحاته في شوارع بيروت

لمى راجح

في إحدى شوارع بيروت الرئيسية  قام بوضع طاولة صغيرة على محاذاة الرصيف، ثم عرض على هذه الطاولة لوحاته على أمل بيعها ومساعدة عائلته. ناصر والذي يبلغ من العمر 11 عاماً لجأ إلى لبنان مع والده وأخيه محمد علي والذي يصغره بعام واحد.

12969395_10206141853652863_487425585_nوذلك عندما ألقى طيران النظام السوري برميل متفجر على منزلهما في حي صلاح الدين بحلب مما أدى لوفاة والدتهما وتهدم منزلهما، حينها قرر والد ناصر ويدعى عبد الرحمن درويش الهروب بعائلته واللجوء إلى لبنان ومحاولة البحث عن سبل أخرى للحياة، حيث أعتبر ذلك أفضل من العيش تحت رحمة البراميل المتفجرة على حد قوله.

تعتبر المعيشة مكلفة بالنسبة للاجئ السوري الذي يعيش في بيروت، ولاسيما مع انهيار الليرة السورية، وعدم توفر فرص للعمل، وهذا ما دفع ناصر للبحث عن لقمة العيش، وإعالة والده العاطل عن العمل، حيث يعيش ناصر مع والده وأخيه في أحد “الفانات” تحت جسر الكارنتينا ببيروت، وما زاد من الطين بلة عدم قدرة والده على العمل، ويقول الوالد:

“مافيني اترك ولادي واشتغل وتحديداً مافي أم فوق راسهم، بدي ضل معهم واحميهم وربيهم”

 12966041_10206141854492884_940218561_nفقرر ناصر أن يبع المكسرات بعد انتهاء الدوام المدرسي، والتجول في شوارع بيروت تحت أشعة الشمس في الصيف، وبرد الشتاء، وتحمل مضايقات المارة في أحيان كثيرة، حيث فضل ناصر اللجوء للصبر وبيع المكسرات على أن يمد يده ويتسول مثلما يفعل غيره من الأطفال. وقد ظل على هذه الحال ما يقارب الثلاث سنوات، إلى أن رأى لوحة معلقة في أحد المعارض التي زارها أثناء رحلة مدرسية، فشعر أنه بإمكانه الرسم، ومن هنا بدأ ناصر بتنمية موهبته في الرسم، وبالفعل قام برسم كل ما يقع بصره عليه، ومن ثم عرضها على حائط المدرسة، كما اتفق مع أحد أصدقائه في المدرسة للتعاون سويةً على رسم اللوحات وتطوير مهاراتهم.

فأصبح برنامج ناصر اليومي عبارة عن  التعلم والرسم في النهار وبيع المكسرات في شوارع بيروت في الليل، إلى أن شاءت الظروف وجمعته الصدفة بصديق والده ويدعى طوني وهو لبناني الجنسية، يملك معرض للوحات الفنية، يومها أعجب طوني بموهبة ناصر المبتدئة الطفولية وقرر مساعدته من خلال صديقه الرسام، والذي بدأ بدور يعلم ناصر أصول الرسم وقواعده. كما اقترح طوني على ناصر بأن يطبع اللوحات التي يرسمها لحجم صغير بمقدار 14 سم طول، 10 سم وبيعها في شوارع بيروت عوضاً عن بيع المكسرات. وفي هذا الصدد يقول ناصر:

“الحياة كتير صعبة،  وبدنا نعيش، وحبيت فكرة الرسم وبيع اللوحات وتحديدا اني برسم شو ما شفت وأواقات برسم من خيالي.. “

لم يتردد ناصر من  قبول اقتراح طوني، ومن يومها أصبح ناصر يجول شوارع بيروت، مثل شارع مارمخايل، والجميزة، مررواً بساحة سيسن وعرض لوحاته على الناس والمارة على أمل بيعيها مما قد يدر عليه مبلغ من المال يساعده هو وعائلته على ما يقيهم حر اللجوء.

12988168_10206141853492859_753888151_nيطمح ناصر في المستقبل لأن يصبح فنانً ومشهور فهو يتطلع للشهرة لأنها تجلب المال على حد تعبيره، ولاسيما أنه عانى من الفقر والحرمان، ولم يجد  نفسه يوماً مثل غيره من الأطفال، يلعب ويلهو، بل اضطر للخوض في مضمار العمل بسن مبكرة على حد قوله، ومنذ أن التقيته في أحد شوارع بيروت وهو مازال على هذا المنوال وهو وأخوه محمد علي، اللذان يتعاونان في إعداد اللوحات، حيث يقوم ناصر في الرسم ومحمد في التلوين، وأيضاً في بيعها مساءً عندما تبدأ رحلتهما في البحث عن لقمة العيش.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *