أخبار
الظروف السيئة في مدرسة سنا الربيع في ادلب لم تمنع الأساتذة من العطاء (تصوير: يمامة أسعد)

عن هموم النازحين ومصير التعليم في الشمال السوري

حتى اليوم لم ترد أية أخبار عن دعم قادم لمديريات التربية والتعليم في إدلب وحلب وحماة، ورغم تأخر افتتاح المدارس في الشمال السوري للعام الدراسي الحالي 2019/2020 حتى 21 أيلول/سبتمبر، إلا أن توقف الدعم أثر على شريحة كبيرة من الطلبة وصلت إلى 160 ألف طالب.

تكمن خطورة توقف الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي عبر برنامج مناهل، بكونه يغطي 65%  من كلفة التعليم في مدارس المديريات الثلاثة، وأبرز الانعكاسات السلبية بحسب معاون مدير التربية محمد الحسين يكمن في «عدد المعلمين الذي توقف الدعم عنهم يبلغ حوالي 4400 معلم موزعين على 500 مدرسة تضم حوالي 160 ألف طالب وهذا الأمر يهدد هذه المدارس بالإيقاف، وبالتالي خروج 160 ألف طالب خارج العملية التعليمية، خصوصاً أن عدد الطلبة المتسربين في العام الماضي وصل إلى 220 ألف طالب، وهذا خطير جداً»، إلا أن الحسين يقول «هناك وعود أن يصل الدعم منتصف تشرين الأول الحالي».

فيما أشار محمود الباشا رئيس التعليم الاساسي في مديرية تربية ادلب إلى أن «تأخر الدعم بالنسبة للعام الدراسي حتى بداية الشهر العاشر دفعنا لتأجيل الدوام الى ذلك الوقت فالمنظمات ستدعم بنفس التاريخ»، لكن شيئاً من هذا لم يحدث بعد.

مخيم القلعة

 

نازحون متعبون

النازحون لديهم من المشاكل ما يكفي لينضم موضوع انقطاع الدعم إليها. عبد العزيز الحسن كان موظف معتمد رواتب سابقا ثم أستاذ رياضة، نزح مع أهالي قريته كفر عويد إلى مخيمات كمخيم القلعة حيث يعيش مع أولاده الستة، إلا أن المخيم يبعد 4 كيلومترات عن أقرب مدرسة في سرمدا، «لذا يحتاج الطلاب يحتاجون لسيارة تقلهم للمدرسة، وبالتالي تكلفة أكثر وأغلب الاهالي يعانون الفقر، وعدم قدرتهم على السكن في المدينة لغلاء الأجور بالإضافة الى عدم وجود حسومات للنازحين وعليهم دفع 2000 ل.س عن كل طالب»، ويتابع متنهدا «ابنتي جميلة تدرس في السنة الثالثة طب بشري، والثانية فاطمة جمعت 240 في البكالوريا، وحتى الان لم أسجل باقي اولادي في المدرسة، كما لم يتم تعييني حتى الآن»، حيث يشير إلى أن انقطاع الدعم أثر عليه كمدرس وكمسؤول عن عائلة موضحاً «توقف مصدر الرزق سيدفع بالمعلمين لترك التعليم لان العمل التطوعي ليس حلاً، ويمكن ان يتطوع شهراً أو شهرين لكن ليس أكثر وبالتالي قد يدفعه الى الهجرة أو البحث عن عمل اخر».

إلا أن فخرية سرحان المدرسة للصف الثاني الابتدائي في مدرسة بلدة احسم (جنوبي ادلب)، والأم لأربعة أطفال تحمل في حديثها جرعة من الأمل، ورغم «تعرض المدرسة للقصف وتكسر شبابيكها وأبوابها، لكننا مستمرون رغم تناقص الاعداد في المدرسة فأغلب الأهالي نزحت من البلدة، إلا أننا نتمسك بالأمل وبوصول دعم قريب».

وبحسب سرحان فإن «الكادر التدريسي بالمدارس الثلاثة الموجودة في البلدة التحق بالعمل، عدا (مدرسة بنات احسم) المهدمة، وتجاوزت أعداد الطلاب في مدرسة الحلقة الأولى في البلدة 100 طالب ممن عاد الى القرية بعد الهدوء النسبي الذي شهدته المنطقة، ولكن تم ضغط ساعات الدوام كي تنتهي في الحادية عشرة ظهراً، وتلغى أحيانا الاستراحة بين الدروس في حال وجود طيران بالجو».

 

صورة مدرسة بنات احسم المهدمة

 

وثائق مفقودة

أم محمد 40 عاما أم لتسعة أطفال مات ثلاثة منهم في الهجمة الأخيرة على بلدتهم احسم، ونزحت إلى مدينه ادلب واجهت مشكلة من نوع مختلف عندما أرادت تسجيل ابنتها مروة نظراً لعدم وجود الجلاء (كشف علامات السنة وشهادة النجاح) إلا أن القضية تم حلها «بورقة من المدير لأن مدرستها (بنات احسم) مهدمة تماماً، وسجلت في مدرسة العز بن عبدالسلام، وسجل محمد (ثالث ثانوي) بمدرسة المتنبي بصورة للجلاء محفوظة على الموبايل، وعندي ابنتان لم نستطع تحمل تكاليف دراستهم فتوقفن في الصف السابع رغم تفوقهن، وكان من المفترض أن يكن في الثالث الاعدادي والثالث الثانوي حالياً، أما الباقين اثنين صغار واحد 3 سنين والثاني سنه».

فيما تنقل أبناء فيحاء شواش (كانت مدرسة لمدة 13 عاماً) وتعمل حاليا في مجال التوعية والتثقيف وبناء القدرات ومنسقة مع منظمه بدائل، بعد النزوح من قريتها حاس الى كفركرمين بسبب الهجمات الأخيرة على المنطقة، «إلا أن مدرسة كفركرمين اعتذرت عن قبولهم لعدم وجود مدرسين، مما أضطرني لإرسالهم للعيش مع أهلي في ملس والدراسة فيها، وبقيت بكفر كرمين بحكم عملي».

محمد الحسين أوضح أن هنالك مراعاة لظروف الأهالي «وهناك تعميمات بقبول الطلاب بغض النظر عن توفر الوثائق، والاعتماد على ما يفيد به الأهل، وحسب الفئة العمرية للطالب، تسهيلاً لقبولهم بالمدارس بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، سواء توفر المكان او عدم توفره وهذا الأمر أدى إلى الاكتظاظ في المدارس في المناطق الشمالية التي تركزت نسبة النزوح اليها».

 

مشكلة التعليم بالأرقام

بحسب محمد الحسين ضمت مدارس ادلب العام الماضي « 414 ألف طالب من الصف الأول إلى الثالث الثانوي، فيما كان عدد المدارس 1193 مدرسة موزعة على المراحل الثلاثة. تشكل  المدارس المكفولة ربع المدارس تقريبا، فيما يعاني ثلاث أرباع المدارس (800 مدرسة) لتأمين الاحتياجات، أما بالنسبة للكوادر فمدارس ادلب بحاجة إلى 24 ألف وظيفة تعليمية، كانت تغطي المنحة 7278 وظيفة، وتوقف منها قرابة 4 آلاف تقريبا، فيما تغطي بقية المنظمات قرابة 5300 وظيفة، ولازال هناك ما يزيد عن 2000 متطوع، فيما بقية المعلمون يتقاضون رواتبهم من النظام».

كما أن مشكلة الكتاب المدرسي هي من أبرز المشكلات التي تعاني منها مدارس الشمال إضافة لموضوع رواتب المعلمين والمعلمات، حيث يقول معاون مدير التربية محمد الحسين «نعاني منذ سنوات من تأمين الكتاب المدرسي، الجهات التي تطبع لنا في الخارج لا تغطي كامل احتياجاتنا، ولذلك نعمل على تدوير الكتاب المدرسي بمعنى أن نستخدم الكتاب المستعمل الذي استخدم من السنة الماضية، وربما عندنا كتب مضى عليها سنوات وهي تستعمل أيضا، هناك بعض اللوازم الأخرى نحتاجها للمدارس مثل الترميمات ومقاعد مدرسية وأبواب ونوافذ وتدفئة ومحروقات وقرطاسية، وخاصة أثاث المدارس قليل اذ ان معظمها متضرر فهناك ما هو مدمر منها كليا ومنها مدمر جزئيا والمتضرر بحاجة إلى الصيانة والترميم».

 

 

لا تكسروا قلمي

من جهة أخرى قامت مجموعة من النساء السوريات داخل وخارج سوريا بحملة إثر صدور قرار إيقاف من الجهات المانحة لقطاع التعليم، حملت عنوان «لا تكسروا قلمي»، وذلك بجهود مجموعة (صوتك ثورة مستمرة) وهو جسم نسوي تأسس للدفاع عن قضايا مجتمعية، حيث قامت من خلال الحملة وحملات سابقة إسقاط تسقط الضوء دون خوف على انتهاكات تحصل في سوريا اليوم من الزواج المبكر أو التجنيد للأطفال بدون خوف من التوجهات الإيديولوجية الموجودة.

 

يمامة أسعد

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *