أخبار

في سوريا.. أيادي الأمهات تجني الثمار لتحصد العيش الكريم

“أم حسن” تعمل في قطف الثمار التي تجاوز عمرها الخامسة والأربعين، لديها سبعة أولاد  منهم من هاجر بسبب الحرب في سوريا وآخرين بقوا معها لصغر سنه.

تعاني “أم حسن” كثيرا من ظروفها الصعبة في حياتها وخصوصا بعد حالات النزوح المتراكبة، وبسبب ضعف الإمكانيات وعدم وجود معيل يساندها، وجدت في عمل “قطف الثمار” باب رزق يسد رمق أطفالها الصغار رغم أن هذا التعب يأكل ما تبقى من عمرها، فقد أصبحت الأم والأب لأبنائها، والمسؤولة عن متابعة مرضهم وتأمين احتياجاتهم ومتطلباتهم، فهي تخرج  إلى العمل منذ الصباح الباكر حتى الظهيرة وأحيانا تتأخر عند حلول المساء بحسب مساحة الأرض التي تقوم بجني الثمار منها وكذلك حسب توفر الثمار المطلوب قطافها من فليفلة بندورة وباذنجان.

تعاني “أم حسن” من ظروف العمل الصعبة وتقلبات الجو من برودة وحرارة رغم ذلك تعمل بكل طاقتها بأجر قليل مقداره 2000 ليرة سورية وأقل أحياناً، لكن العمل في قطاف الثمار موسم تنتظره “أم حسن” لتأمين رغيف الخبر لها ولأبنائها.

لم تكن “أم حسن” لوحدها تعاني من صعوبات العمل في قطاف الثمار، “أم سعيد” إمرأة أخرى أجبرتها ظروفها للعمل، فقد قررت “أم سعيد” (48 عام)، وهي أم لثلاث أطفال منهم معاقين وزوجة لمريض، العمل لمساعدة أسرتها الضعيفة وفق الوضع الصعب الذي يستلزم تأمين مستلزمات المعيشة الأساسية خصوصا بعد نزوحها من ريف إدلب فقد عانت الكثير لتأمين هذا العمل “قطف الثمار” وفي بعض الأحيان يساعدها أطفالها بالعمل.

تقول “أم سعيد”: “تعبت من قلة الأجرة والعمل الشاق وخروجي من الصباح الباكر إلى المغرب أو بعد ذلك بقليل  بحسب طبيعة العمل ومتطلبات القطف”.

قلة أساسيات المعيشة وصعوبة الحياة جعلت من “أم محمد” تعمل أيضاً في قطاف الثمار وغدت تنتظر مواسم الخضروات والفواكه لتأمين احتياجات منزلها وأحيانا تعمل بالفلاحة! تقول “أم محمد”: “عملنا متعب جدا بسبب صعوبة الجو وطبيعة العمل يحتاج إلى أيد خشنة وأيدينا نحن النساء تتقطع من العمل، وأحيانا يمضي أسبوع أو أسبوعين بلا عمل.. الحياة أصبحت صعبة ومرة.. العمل فُرض عليّ وليس بإرادتي لنستطيع إكمال الحياة وتربية الأولاد ومساعدتهم في التعلم”.

تضيف أم محمد بلهجتها العامية: “لدي سبعة أولاد صغار وزوجي متوفي وكل شيء غالي الثمن.. كيف بدنا نعيش إذا ما اشتغلت وتعبت وإلا منموت من الجوع وما حدا بحس علينا.. الحياة تغيرت عن اللي كنت عايشتها بالمدينة.. ربة منزل وزوجي يعمل وبأمن حاجات المنزل.. وهلق صرت عم بعاني بالريف اشتغل أي شغلة.. توفي زوجي وبقي لدي أولادي السبعة بحاول أعلمهم وأطعميهم”.

النزوح والتشرد والمرض وفقدان المعيل جعل “أم وليد” تعمل في قطاف الثمار تقول: “نزحنا وتركنا ديارنا بسبب القصف وأنا امرأة مريضة ولكن ليس لدي معيل كل فترة بروح على المشفى بسبب أمراض أصابتني بسبب العمل الشاق من ديسك الظهر”.

تضيف “أم وليد”: “الأولاد لا يفهمون الحياة بعد موت زوجي، وبعد أن أصبحت المعيل لهم بكل ما يحتاجه الأطفال أحاول تأمينه ولكن بسبب مرضي الأخير بات الجوع يقتلنا وأحيانا أعمل رغم مرضي حتى أؤمن رغيف الخبز للأولاد.. واضطر في المنزل أحيانا العمل من شق الفليفلة وبعض المونة.. فأنا أعمل جاهدة لتأمين لقمة الحياة”.

لصاحب البستان تفسيرا عن سبب قلة الدفع وأجور العاملات في قطف الثمار، بذلك يخبرنا محمد وهو صاحب بستان زراعي كبير: “المواسم لدينا سنوية. فنطلب عمّال في وقت القطاف، معظمهم من المخيمات.. العمل صعب  وتتطلب جهد كبير وندفع أجور قليلة لعدة أسباب: أولا بسبب توقّف تصدير المواسم، وأيضا الأسمدة والأدوية مرتفعة الثمن، وكذلك ضعف الإنتاج، وارتفاع سعر المازوت..  بالتالي نبيع الثمار بسعر رخيص، حتى الأرض أصبحت لا تعطي غير مصروفها وأجور العمال.. وأيضا العاملات مجبورات للعمل لتأمين لقمة العيش، وهذه المعاناة على الجميع من الفلاحين وأصحاب الأراضي”.

“بسبب كثرة الأراضي الزراعية وغلاء الأسمدة وفساد الثمار بس الجو والحشرات هما سبب قلة أجور العاملات” هذا ما أكده محمد نايف رئيس مجلس المحلي لبلدة دليبا بريف سلقين، ويضيف قائلاً: “أراضينا تحتوي الكثير من الثمار وتتطلب عدد من العاملات والعمال للقطف، لدي مهجرين يعيشون في المخيمات يعملون بقطاف الثمار بمبلغ قليل جدا، بسبب ارتفاع مصروف الأراضي وصعوبة بيع الثمار وأيضا بهدف تأمين عمل  لأهالي المخيمات أصحاب العوز فهم يبحثون عن أي عمل ولو كان المقابل المالي زهيداً، وهذا ما تسببه قلة دعم المنظمات لأصحاب المخيمات”.

 

شريف فارس

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *