أخبار

مخيم الركبان … إما الخضوع لنظام السوري أو الجوع والقهر

ما أن يذكر بالمشهد السوري كلمة نزوح او مخيمات لابد أن نستوقف قليلاً عند مخيم الركبان هذا المخيم الذي يقع على الحدود السورية الأردنية وبالقرب من الحدود العراقية ويبلغ عدد قاطنيه حاليا نحو ١٠٧٠٠ لاجئ جلهم من الأطفال والنساء مخيم منسي من جميع المنظمات الإنسانية و حتى الجمعيات الخيرية حتى من الجهات المحسوبة على الثورة السورية…

بالفترة الأخيرة حاول الروس و قوات النظام بشتى الوسائل تفكيك هذا المخيم و اجبار قاطنيه على العودة القسرية إلى مناطق سيطرة النظام السوري وذالك من خلال حصار المخيم وقطع الطرقات التي كانت تأتي منها المواد الغذائية و المحروقات والأدوية فالمخيم محاصر منذ ٩/٢/٢٠١٩ إلى هذا التاريخ ففي الفترات السابقة عقدت عدة اجتماعات مع اشخاص ادعو تمثيل المخيم من طرف و الروس والنظام السوري من طرف آخر وبحضور الأمم المتحدة و الهلال الأحمر السوري بصفة مراقبين في نقطة جلغيم التي تقع على حدود منطقة ال ٥٥ كم (التي هي منطقة مسؤول عنها التحالف الدولي ويقع ضمنها مخيم الركبان ) وبعد عدة اجتماعات مع هؤلاء افتتحوا الروس والنظام السوري في نقطة جلغيم مركز للمصالحة لمن يرغب بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري وتعهد الروس بعدم المساس بأي شخص يود العودة وبدأت افواج اللاجئين بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري ففي خلال ٣ شهور عاد نحو ١٧٧٠٠ شخص حسب إحصائية الأمم المتحدة و الهلال الأحمر السوري ولكن الروس لم يفوا بالعهود التي اعطوها للاجئين من اعطاء مدة ٦ شهور لمن يكن بسن الخدمة الالزامية ومن عدم اعتراض او اعتقال أي شخص قادم من مخيم الركبان ولكن كان الأمر عكس ذالك فقد تم اعتقال ٣٧ شخص عادوا إلى مناطق سيطرة النظام السوري وتم نقلهم إلى الأفرع الأمنية منهم من تم اعتقاله بصيدنايا ومنهم من تم اعتقالهم في فرع المخابرات الجوية بمدينة حمص ومنهم من بقي في مراكز الإيواء بمدينة حمص إلى حد هذا الوقت وقدر عدد الذين حاليا موجودين بمراكز الإيواء بنحو ١٦٠٠ شخص …

ولكن ماهو الشيء الذي يدفع هؤلاء الأشخاص للعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري قمت بسؤال عدة أشخاص ممن قرروا العودة إلى مناطق سيطرة النظام وكانت أجوبتهم على الشكل التالي:

ح.ص وهو شخص يبلغ من العمر ٣٥ عام لا يوجد عليه أي مسائلة قانونية ولكن عليه خدمة احتياط لدى جيش الأسد وقال لنا أنه لم يعد له حول أو قوة لإطعام أطفاله هنا بالمخيم بسبب عدم وجود فرص عمل وعدم وجود منظمات تقدم لهم مساعدات فلم يعد لديه أي حل إلا التوجه إلى مناطق سيطرة النظام السوري وهو يعلم مصيره أنه سوف يساق إلى جبهات القتال ولكن لم يعد لديه آي خيار أما البقاء هنا ويرى أطفاله يموت من الجوع أو العودة

ع.ح وهو شاب يبلغ من العمر ٢٠ عام وهو ملاحق من قبل النظام السوري وكان في إحدى تشكيلات المعارضة المسلحة هنا قال لي أنه منذ عام كان يحصل على مرتب من الفصيل الذي كان يتبع اليه ولكن الأن توقف الدعم عن هذا الفصيل ولم يعد يستطيع أن يعيل اسرته التي كانت تعتمد عليه في تأمين قوت يومهم وهو يعلم ايضا ما مصيره في حال العودة يقول أن مصيره الموت إما بالمعتقل أو بإحدى الجبهات التي سيدافع بها عن كرسي بشار الأسد وهذا الأمر الذي يشعر به بالخزي ولكن كما يقول ليس لديه اي خيار آخر لكي ينقذ اسرته من هذه الحياة القاسية التي يمرون بها بالمخيم ..

ف.ع وهو شخص يبلغ من العمر ٤٧ عام يقول ما هو مصير هنا فالعودة افضل بكثير من البقاء هنا سوف اعود لكي يعودوا اطفالي الى المدارس ولكي اقوم بزراعة ارضي وأقوم بإصلاح بيتي الذي دمرته الحرب .

سألت بعض الأشخاص الذين لا يرغبون بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري ويرفضون ذالك بشكل قطعي

محمد القرواني وهو شاب يبلغ من العمر ٢٧ عام وهو منشق عن قوات النظام منذ عام ٢٠١٣ يقول أنه عندما انشق عن هذا النظام لم ينشق ألا عن قناعة أن هذا النظام مجرم ويقتل بشعب أعزل ولن يعود أله حتى إذا بقي بنفسه في هذه الصحراء هو وأطفاله وزوجته فهذا النظام ليس لديه عهد أو ميثاق

قاسم التدمري يبلغ من العمر ٤٥ عام يقول ما غادرت مدينتي و ارضي ألا لكي أعيش بكرامة وعند نظام بشار الأسد لايوجد كرامه للشخص وقد اذلونا بكل الوسائل وهو مصرّ على البقاء في أي منطقة لا يكون للأسد حكم عليها وبنفس الجانب لا يعود بأولاده الشباب ليخدموا نظام قتل وشرد الملايين من السوريين

في تاريخ ٢٧ سبتمبر دخلت الأمم المتحدة بعد أن قامت باستبيان يوضح من يرغب بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري فتبين معهم أنه يوجد ٣٠٠٠ شخص يرغبون بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري وذالك من العدد الإجمالي للمخيم والذي حسب تقدير الأمم المتحدة يتراوح بين ١٢٠٠٠ و ١١٥٠٠ شخص

ووجب التنويه أن من غادروا قبل تاريخ ٢٧ /٩/ ٢٠١٩ غادروا بدون ضمانة من قبل مكتب الأمم المتحدة في دمشق كمَ قالوا لنا في إحدى الاجتماعات عندما قاموا بالاستبيان لترغيب اللاجئين على العودة ولكن كانت الصدمة الكبيرة للأمم عندما قاموا بجلب السيارات والشاحنات لنقل اللاجئين ولم يقبل أن يخرج معهم سوى ٢٣٠ شخص فقط ..

بدوري تابعة حال ٢٣٠ شخص الذين غادروا المخيم بضمانة الأمم المتحدة فقد حصلت على شهادة من داخل مراكز الإيواء بمدينة حمص

م.ص وهو شاب يبلغ من العمر ٢٦ عام لقد كان لدي الأمل الكبير أن أعود إلى جامعتي التي تركتها منذ عام ٢٠١٥ ولكن الخوف الذي كان مزروع بقلبي من النظام السوري بدأ يزول عندما سمعت كلام موظفة في الأمم المتحدة في إحدى خيم الاستبيان عندما قالت نحن قدمنا ضمانات للاجئين بالمخيم أن لن يتعرضوا للأذى من قبل أي جهة كانت في حال العودة ولكن كانت الصدمة عندما وصلت مركز الإيواء فكان هذا المركز فرع من الفروع الأمنية فيوجد به غرفة للتحقيق و غير طرق الأذلال التي يتبعوها معنا ..

رغم الوضع السيء داخل المخيم ولكن يوجد عدد كبير من العوائل لا يرغبون بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري ولديهم الأمل الكبير بالذهاب إلى الشمال السوري يقولون ربما تكون أفضل حال من المخيم ..

قاعدة التنف العسكرية والتي تتواجد به قوى التحالف الدولي والتي لا تقدم أي مساعدة للاجئين داخل مخيم الركبان سوى ضبط أمن منطقة ال ٥٥ كم من تقدم النظام و تنظيم داعش أليها والتي يجب أن يكون لديها دور بتقديم المساعدة لهؤلاء اللاجئين لكي لا يكون خيارهم الذهاب إلى مناطق سيطرة النظام السوري وهذا الخيار بحد ذاته موت لهم .

عماد غالي اعلامي سوري بمخيم الركبان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *