أخبار

نازحو ريف إدلب يتقاسمون المنزل هربا من جشع المالكين

مع بداية الحملة العسكرية للنظام السوري وروسيا على ريف إدلب الجنوبي والشرقي يحمل “محمد البكور” بعض من أثاث منزله ويصطحب عائلته من مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي باتجاه مدينة سلقين بريف إدلب الشمالي، وذلك بحثاً عن منزل يأويه بعيداً عن القصف، ومنطقة أكثراً حيث باتت المعيشة في ريف إدلب الجنوبي مستحيلة.

محمد البكور يبلغ من العمر (39 عاماً) ويعمل في بيع القطع الكهربائية، قام بإغلاق محله التجاري قبل نزوحه، وقام باستئجار منزل في مدينة سلقين عن طريق أحد المكاتب العقارية مقابل 100 دولار بشكل شهري، بالإضافة إلى تأمينات بقيمة 50 دولاراً لصاحب المكتب، حيث يقوم بإعادتها للمستأجر في حال التأكد من عدم القيام بتخريب أثاث المنزل.

ويقول البكور لموقع أنا إنسان: “اضطررت للنزوح لمدينة سلقين رغم الإيجارات المرتفعة التي يطلبها أصحاب المنازل في المدينة بسبب وجود شقق سكنية فارغة، حيث قمت بالبحث في أكثر من 4 مكاتب وجميع الأسعار كانت تتراوح بين 100 دولاراً إلى 250 دولاراً بحسب تجهيزات الشقة السكنية ومساحتها”.

ويضيف البكور”بعد بقائنا في المنزل لمدة شهر، طلب صاحب المنزل دفعة مالية ل 3 شهور قادمة بقيمة 300 دولاراً مقابل البقاء في المنزل، بالإضافة إلى أنه أخطرنا بانه سيتم تزويد أجور المنزل إلى 150 دولاراً بعد انقضاء مدة 3 شهور، وذلك بسبب الطلب الكثيف على الشقق السكنية بعد نزوح آلاف الأهالي باتجاه مناطق الشمال السوري”.

مشيراً إلى أنه أصبح عاطلاً عن العمل منذ نزوحه من مدينته، وبات غير قادر على تحمل أعباء الإيجارات ومصروف المعيشة لأكثر من ثلاث أشهر قادمة، وخصوصاً أن عائلته تتكون من 7 أشخاص وتحتاج إلى ما يقارب 500 دولاراً بشكل شهري، مع دخول فصل الشتاء وارتفاع أسعار المحروقات بشكل جنوني.

وبعد نزوح آلاف المدنيين باتجاه الشمال السوري وعدم قدرتهم على تحمل أعباء المصاريف خصوصاً في ظل البطالة التي يعاني منها الشبان وحالة الفقر التي تضرب الفئة الأكبر في المجتمع هناك، تعمد كثير من العائلات إلى التشارك في المسكن، حيث باتت الشقق السكنية تحوي عدة عائلات من الأقارب من أجل تقاسم الإيجارات ومصاريف المعيشة.

“حازم السليم” نازح من بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي إلى مدينة كفر تخاريم بريف إدلب الشمالي قام باستئجار شقة مكونة من 4 غرف مقابل 80 دولاراً بشكل شهري، حيث يتقاسم المسكن مع عائلتين من إخوته، وذلك بعد عدم قدرته على دفع الأجور بشكل شهري لوحده، حيث يتقاسم الجميع المصروف الشهري من دفع أجر المنزل والمحروقات والكهرباء والماء.

يقول “السليم” لموقع أنا إنسان: “بعد نزوحنا إلى مدينة كفر تخاريم قمت باستئجار منزل مع عائلتي ومع مرور الشهر الأول لم أستطع تحمل كل المصاريف الباهظة، لذلك طلبت من أخوتي بجلب عائلاتهم إلى منزلي والعيش معاً في المنزل وتقاسم المصروف، وخصوصاً مع حاجتنا إلى دفع مبالغ كبيرة من أجل تأمين المحروقات للمنازل”.

ويضيف السليم: “ندفع بشكل شهري ما يقارب 25 دولاراً للكهرباء، و25 دولاراً للمياه، و80 دولاراً ثمن أجر المنزل بالإضافة إلى 300 دولاراً ثمن مصروف للمعيشة، و100 دولاراً من أجل التدفئة، حيث أعمل مع أشقائي في مواد البناء في منطقة “دير حسان”، وذلك بهدف توفير مصاريف المعيشة، في حين قمت ببيع سيارتي الشخصية بسبب نفاذ الأموال”.

ولا تقتصر معاناة الأهالي على ارتفاع أجور المنازل في المدن الشمالية، بل أن الأمر انتقل إلى النازحين في العراء والذين لم يقدروا على استئجار شقق سكنية بسبب ضعف قدراتهم المادية، حيث قام بعض أصحاب الأراضي التي يقيمون فيها بطلب أموال مقابل افتراش النازحين لأراضيهم.

“محمد المصري”(40عاماً) نازح مع عائلته من منطقة كفروما بريف إدلب الجنوبي باتجاه منطقة دير حسان بريف إدلب الشمالي حيث قام ببناء خيمة في أحد الأراضي الجبلية مع عشرات العائلات الأخرى، وذلك بهدف إيجاد مأوى لهم مع تصاعد القصف على منطقتهم وعدم قدرتهم على الحصول على خيمة داخل تجمع المخيمات، حيث طلب صاحب الأرض منهم مبلغ 35 دولاراً مقابل البقاء أو الرحيل.

يقول “المصري”: “نزحنا بثيابنا إلى العراء وقمنا بالحصول على خيمة من قبل أحد الأصدقاء حيث تعاني المنطقة من افتقاد أدنى مقومات الحياة من الصرف الصحي أو الدعم الإنساني، ورغم ذلك جاء إلينا صاحب الأرض وطلب منا جمع مبلغ مالي من النازحين وتسليمه له بشكل شهري مقابل بقائهم في الأرض أو الذهاب لمنطقة أخرى”.

ويوضح “المصري” لم يكن هناك تدخل من قبل هيئة شؤون المهجرين التي تعنى بشؤون النازحين في إرغام صاحب الأرض في التخلي عن طلباته المالية أو إعطاءه المبلغ المالي، لذلك اضطرت جميع العائلات على جمع المبلغ ودفعه لصاحب الأرض”.

ويعاني النازحون في الشمال السوري من ارتفاع في أجور المنازل والشقق السكنية، بالإضافة إلى افتقار المخيمات التي يعيشون فيها من أدنى مقومات الحياة وسط تدني مستوى الدعم الغذائي وقلة مشاريع الصرف الصحي في المخيمات، والتي تعمل على تأهيله المنظمات الإنسانية.

أيهم الشيخ

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *