أخبار

حملات ومبادرات فردية لدعم أهل الشمال السوري

مع ازدياد وتيرة الحرب في إدلب وريفها، وفي ظل الهجمة غير المسبوقة التي تشهدها مناطق ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي، وما نتج عنه من نزوح آلاف العوائل من مناطقها تاركة أرزاقها وبيوتها، أطلق شباب وناشطوا مدينة إدلب العديد من الحملات لمساعدة النازحين والمهجرين، وإيوائهم، وتقديم كافة سبل المساعدة والتخفيف من معاناتهم عن طريق تأمين أدنى مقومات العيش الكريم.

حملة «إدلب معكم» التي أطلقها ناشطوا المدينة، تهدف لتأمين بيوت ومساكن مجانية للنازحين عن طريق تجهيز البيوت الغير مأهولة للسكن في المدينة وريفها، وتأهيلها لتستقبل أكبر عدد ممكن من النازحين، يوضح أحمد قطيع (32 عاماً) أحد الناشطين والمتطوعين لــــ «أنا إنسان» أن الحملة انطلقت في 20 الشهر الجاري بسبب الظروف القاسية التي يمر بها النازحين، فهذا «أقل ما يمكن تقديمه لهم، ونعمل على مساعدتهم عن طريق جمع التبرعات من الأهالي، وإعادة تأهيل بعض المنازل للسكن، وتأمين أراضٍ لبناء الخيام، حيث قمنا بتوفير أكثر من 25 منزلاً؛ لتستهدف الحملة حوالي 1025 شخصاً، ويتم اختيار العوائل تبعاً للحالة المادية، وعدد أفراد العائلة، حيث يتم جمع التبرعات من الأشخاص الميسوري الحال خارج البلاد وداخلها عن طريق صناديق ثابتة توضع بالمساجد والأسواق الشعبية، وعن طريق الحوالات المالية، ويكون التواصل مع المتطوعين بشكل مباشر»، وعن هذه الحملة يقول: «من المؤلم أن نرى هذه العوائل تفترش الأرض بدون أدنى مقومات للحياة، وأن نقف مكتوفي الأيدي. نعمل بكل طاقاتنا، والإمكانيات المتوفرة لدينا على أن نكون عونا لهم».

من جهته عمل فريق لقاح سوريا بالتعاون مع مديرية الصحة بإدلب على إطلاق حملة اللقاح «التطعيم» ضد مرض شلل الأطفال في المخيمات نتيجة الأوضاع الطبية المأساوية داخل هذه المناطق، حيث استشرت الأمراض داخل المخيمات، حيث يقول رئيس قسم اللقاح في مديرية الصحة بإدلب الدكتور رفعت الفرحات أن الحملة انطلقت في 13 يوليو/تموز وتستهدف فئة الأطفال من عمر يوم وحتى الخمس سنوات، وتهدف إلى استئصال المرض بشكل كامل والوقاية منه، خاصة مع توسع مناطق الصراع، وازدياد عدد النازحين من تلك المناطق، ويؤكد الفرحات أن الحملة مستمرة حتى تحقيق نسبة الوصول إلى جميع الفئة المستهدفة، والتي قدرت بحوالي 437 ألف طفل، وأكد أن «اللقاح آمن وفعال، وهو معتمد من منظمة اليونيسيف العالمية».

من جهته يعرب الحاج خالد (58عاماً) وهو أحد المستفيدين من الحملات في مدينة إدلب عن سعادته بمثل هذه المبادرات لكونها تشعرهم بأنهم ما زالوا موجودين، ويقول: «بارك الله بجهود كل من ساهم في مثل هذه الحملات التي تخفف عنا الكثير من أعباء التهجير والنزوح، فقد ساعدوني على إيجاد مأوى لي ولعائلتي، وأمنو لي بعض المفروشات بعد أن وجدونا على أرصفة الطريق. لقد خرجنا من مناطقنا بثيابنا فقط، ونحن اليوم بأمس الحاجة لمثل هؤلاء الشبان الذين يقدمون الغالي والنفيس في مساعدة إخوانهم الباحثين عن مناطق أكثر أمان».

لم تقف الحملات في مدينة إدلب على النازحين فقط، بل توسعت لتشمل المنظمات الطبية والإنسانية، حيث أُطلقت حملة «أنا لست هدفاً» لدعم فرق الدفاع المدني نتيجة تعمد النظام وطائراته الحربية استهدافهم بشكل مباشر؛ أثناء القيام بعملهم لإسعاف المصابين والعالقين تحت الأنقاض، بالإضافة لتدمير مراكزهم، مما يزيد في معاناتهم وصعوبة تنقلهم بين القرى والبلدات. وهذا ما يشير إليه محمد غزال (37عاماً) وهو أحد المتطوعين في الدفاع المدني، حيث قال: «يتعمد النظام استهدافنا في القرى والبلدات لتي تشهد تصعيداً همجياً من قبله، ويقوم على تدمير وحرق آلياتنا نتيجة الغارات على مراكز الدفاع المدني في ريف حماة وإدلب، ناهيك عن الغارات التي تستهدفنا بشكل مباشر أثناء انتشال العالقين تحت الأنقاض وإسعافهم، فقد فقدنا الكثيرين من زملائنا نتيجة الغارات»، حيث نظم الناشطون وقفات احتجاجية، ونشروا رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي تعبيراً عن غضبهم نتيجة هذا الإجرام الوحشي الذي يبيد البشر والحجر.

إلا أن هذه المبادرات لم تقتصر على حملات إنما كان لبعض الأهالي مبادرات فردية لمساعدة إخوانهم، ومنهم خالد العزو (27عاماً) وهو أحد أصحاب شركة لتوزيع الإنترنت في مدينة معرة النعمان، حيث يقول لأنا إنسان: «عملت على توفير الإنترنت للناس بالمجان؛ نتيجة نزوح الأهالي، لتسهيل تواصلهم مع أقاربهم. كلنا تذوقنا مرارة النزوح والتشريد، وهذا واجبي تجاههم، ويجب على كل شخص تقديم أي شيء ولو كان بسيطاً يساهم في إعانتهم».

ورغم القصف والدمار، تستمر الحملات المدنية في إدلب وريفها لخدمة الأهالي التي أجبرتهم آلة الأسد الهمجية على ترك أرزاقهم وأرضيهم ومحاصيلهم الزراعية، باحثين بذلك عن مناطق تحميهم مع أطفالهم، وبحسب بيان للأمم المتحدة صدر أواخر تموز الماضي فقد أحصت أكثر من 400 ألف نازح هربوا من مناطق التصعيد باتجاه مناطق الشمال السوري، باحثين عن مناطق أكثر أمناً، حيث يصعب توفير أدنى مقومات الحياة من منازل سكنية، ومخيمات، وأغذية والمستلزمات الطبية، ويذكر أن ثلاثة ملايين مدني يعيشون في منطقة إدلب، وهم لا يزالون محاصرين وليس لديهم أي مكان آخر يمكنهم الذهاب إليه، ومن بينهم أكثر من مليون طفل بحسب إحصاءات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا) نهاية تموز الماضي.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *