أخبار

شوفير تاكسي في السويداء … مهمته مساعدة الآخرين

رامي أبو اسماعيل

 

منذ 20 عاماً تصدح صوت سيارة أبو عماد الصفراء كل يوم الساعة 5.30 صباحاً، متجولاً في شوارع مدينة السويداء باحثاً عن لقمة عيشيه وهو أبن ال 70 عاماً، بابتسامته التي حفرت على وجهه تجاعيد جعلت منه مصدر حب كبير يستقبل ركابه، يقص أحاديثه وسيره على زبائنه ليشعرهم بقرب المسافة فالحرب التي أبعدت المسافات بين قلوب السوريين ألغاها أبو عماد بسيارته المتواضعة.

يعمل أبو عماد كل يوم من الساعة 5.30 صباحاً حتى تسليم أبنه الوردية الثانية في تمام 10 صباحاً، وقبل انتهاء ورديته الأولى يمر الرجل السبعيني على محلات بيع الخضار ليجمع ما تبقى منها صالح للطعام حتى يوزعها على العائلات الفقيرة المتواجدة في حيّ القلعة وسط مدينة السويداء.

“على مدار 7 سنوات لم يتأخر أبو عماد عن موعده سوى أسبوع واحد عندما توفى ولده” تقول ام ضامن (نازحة من دمشق) وتكمل “كل يوم وبحلول الساعة 9 صباحاً يأتي أبو عماد يترك ما قدره عليه الله من خضار يسألني عن حال أولادي ويذهب”

منذ اندلاع الحرب في سورية من 7 أعوام وفد إلى السويداء الكثير من الضيوف من  أهالي المناطق التي تصاعدت فيها وتيرة العنف منهم من لجأ إلى مراكز الإيواء المنتشرة على أطراف المحافظة ومنهم من فضل العيش والعمل داخل المدينة وسكنوا في أبنية غير مؤهلة ومنتهية الأعمال، استطاع أبو عماد جمع قوائم بسيطة بالعائلات الوافدة المتواجدة ضمن حارته ليتمكن من توزيع مساعداته الغير ممولة، عبر جمع المواد الغذائية من محلات الخضار والبقالة وتوزيها على الوافدين.

يقول خالد نازح من الرقة : “اعمل ناطور في عمارة قيد الإنشاء، وأسكن أنا وأولادي الثلاثة في القبو، يأتي أبو عماد يومياً ويجلب لنا الخضار، او يؤمن لي عمل يناسب وضعي الصحي” ويضيف الشاب “سنة كاملة وانا لا اعلم ما اسمه سوى انه أبو عماد صاحب التكسي، يأتي الينا حاملاً معه مواد غذائية ويقدمها لنا ويرحل”.

لا يسعى أبو عماد للشهرة الإعلامية أو التمويل الخارجي كحال باقي منظمات المجتمع المدني المنتشرة في أرجاء البلاد، حدود معرفته بوسائل التواصل تصل لحد الهاتف المحمول فقط، هذا ما جعله يرفض ان تأخذ أي صورة له، ليستمر الرجل بعمله بصمت تام وليبقى صوت سيارته يطغى على صوت المدافع والرشاشات باعثاً بقلوب من يساعدهم خيراً وسلام.

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *