أخبار

أين نحن أمام الكوارث .!؟

عندما وقعت كارثة انهيار سد زيزون منذ سنوات خلت ، تنبهت الحكومة والمواطنون إلى مخاطر السدود غير المبنية بشكل جيد ، وأثر انهيارها على البيئة والبشر، فالمياه تجرف أمامها الأخضر واليابس .
ولكن بعد سنوات لم يعد أحد يذكر تلك الحادثة ، ومنهم من يقول لك ، وهل سد زيزون في سوريا ؟


ولم يعد أحد يعبأ بضرورة اشتراط السلامة ، أو يكترث لنتيجة التحقيقات عن المتسبب في تلك الكارثة .
هكذا نحن أمام الانهيارات الكبيرة نقف ، وكأننا خلقنا للتو ، قادمين من عالم مثالي ، وكالأطفال نقوم بتحميل من نكره ونخاصم مسؤولية ما حدث ، دون تتبع لبدايات الحدث ومآلاته .
وأمام الانهيار الأكبر للسد البشري عام 2011 تراوح الناس بين مصدق ومنكر ، هناك من أخذ الإيجابي في الخروج بمظاهرات مطالبة بإسقاط النظام وكسر حاجز الخوف ، ولكن خلف تلك الصورة البديعة والزاهية الألوان والبراقة في شعاراتها ، كان هناك مجتمع ينهار وينحدر ، الفقر وغياب المساءلة والفوضى ، حيث كانت بيئة النازحين في أدنى مستويات الأمان والعيش الطبيعي ومن ثم تفسخ متزايد في مجتمع كان بالأساس يعيش على متناقضات كثيرة.

قبل أربع سنوات ظهرت على السطح قضية تزويج الفتايات السوريات القاصرات لدول الخليج ، وهي قضية لا يستهان بها ولكنها نامت كغيرها من القضايا . ليأتي مؤخراً الحدث الكارثي الأكبر في الكشف عن شبكة العبودية الجنسية في بيروت ، ليستفيق السوريون وخاصة ممن هم على شبكات التواصل الاجتماعي ، على تداول وتناول هذه القضية بكثير من التفصيل وإلقاء اللوم طائفياً ومناطقياً على الحدث، فيما بقيت الضحايا عاريات أمام مجتمع ” عنين”.
تحركت الجمعيات النسوية والمدنية السورية على عجل وخاصة تلك التي بدأت عملها بعد اندلاع الثورة ، فالقضية مدنية نسوية ، وعليهم التحرك والمثابرة في تقديم مايلزم .

ولكن القضية ليست في كتابة الواجب الدراسي جيداً بإسلوب جذاب ولافت ، هناك ماهو أهم فما الذي كان يجب أن يتم لتلافي مثل تلك الكوارث .!
بالطبع لا تتحمل تلك المنظمات والجمعيات المسؤولية ، فهذه القضية ليست جديدة على المجتمع ، وتزداد في الحروب والبيئات غير الآمنة .
ولكن ما طبيعة تلك المنظمات ومن هي العينات المستهدفة؟! وإن كان استقطاب الضحايا من أهدافها ، إذا يجب أن تحاسب ، ولكن من الذي سيحاسب ؟ ستختفي قضية تلك الفتيات كغيرها من التداول ، ففي يوميات الحروب ، كل يوم يطرأ حدث كارثي جديد ،ولذاكرة الجماهير ذاكرة السمك وخاصة في ظل انتشار واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
ما علينا أن نواجهه بقوة هو مدى فاعلية ونشاط وتأثير مؤسسات العمل المدني ، وماهي انجازاتهم الحقيقية الملموسة غير البيانات والوقفات الاحتجاجية و و ؟ نساء المخيمات ، او اللواتي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ،من وصل لهن غير إغراء المال الخليجي في المخيمات والمؤسسات الدينية في الداخل ؟.

كنا نتندر سابقاً على منظمة الاتحاد النسائي أنها لا توفر إلا دورات في الحلاقة النسائية والخياطة وشغل الإبرة والصوف ، إلى أن وقعنا في ذات المطب ، مع استثناء وحيد : القدرة على اصدار بيانات احتجاج وشجب وندب.
لا يمكن أن تعزل كل مؤسسة مدنية أو نسوية في إطار المعارض أو الموالي ، فالبيئات المستهدفة واحدة والأمراض ذاتها ، ولا يمكن فصل أسرة عن مجتمعها ، ولا تستطيع أي جهة خلق بيئة منفصلة عن غيرها.
لقد صمت الإعلام الرسمي عن قضية الفتيات اللواتي حررهن الأمن اللبناني من براثن العصابة ، ولم يتم تداول موضوعهن على شبكات التواصل الإجتماعي بشكل واسع ، بينما كانت في الأوساط المعارضة هي القضية الأولى لأيام .
ولكنها ستأخذ دورها في تخزين يوميات الفيسبوك لتظهر العام المقبل بنفس اليوم أمام كل من كتب بوست عنهن ويهرش رأسه متذكراً عن ماذا أتحدث في هذا البوست .!

إن تضافر عمل الجمعيات النسائية والمدنية والضغط لاستصدار قرارات وقوانين تحمي الفتيات والأطفال من الاستغلال الجنسي والجسدي هو ما يجب أن يتم العمل عليه يومياً ، سواء في سوريا أم خارجها ، فالقضية تهم جميع المجتمعات كافة وليست خاصة بالسوريين فحسب .

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *

  1. اسمحي لي خولة فإن في رأيك بعض التجني أو كثير منه لمنظمات المجتمع المدني ونشاطها , فعملها في الأصل ينصب في التوعية العامة من أجل حشد الأصوات والجهود بهدف التاثير والضغط على الأنظمة الحاكمة التي تدير الامور والقوانين بمعزل عن إرادة شعوبها …وفي ظل غياب الدولة في سوريا أو لبنان تسعى هذه المنظمات جاهدة رغم كل شيء لتواصل مهماتها في النضال من أجل تحقيق ولو جزء بسيط من أهدافها .. وهذا أفضل من أن تقف مكتوفة الأيدي ولا عمل لها الا الأسف و الانتقاد .
    وصلت منظمات المجتمع المدني الى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وهناك الكثير من المشاريع التي نفذتها في الداخل رغم حصار النظام وقصفه المتواصل لتلك المناطق ,,هناك نجاحات على صعيد العملية التعليمية وايضا في مجال تمكين المرأة اقتصاديا الى جانب نشاط لافت في الاعلام ..وفي مجالات اخرى كالاغاثة والدفاع المدني .
    اغراء المال الخليجي ونشاط المؤسسات الدينية ليس بجديد وطارئ على مجتمعنا وفي البيئات الفقيرة , الا انها ظاهرة ازدادت انتشارا بسبب ظروف الحصار واللجوء والفقر ..وما عمل المنظمات سوى السعي للتخفيف منها عن طريق نشاطاتها في تمكين المرأة توعويا واقتصاديا” وفي الظروف والامكانات المتاحة . وهذه المنظمات ليست صاحبة القرار ومهمتها النضال والسعي للضغط على أصحاب القرار .