أخبار

طلبنا الحرية

 

بـ 17/7/2011كانت  الحرية طالعة من كل شي بالقابون، الهوا كان خفيف وحر، والغيم ، والشجر ، والحجر والتراب والوجوه.

ما ممكن يشعر بهداك الإحساس العظيم إلا يلي عاشو، إحساس إنك ممتلي بالحرية، وإنك بتملك جناحات، مو ع الأرض.

 سائق الباص كان ناشط من القابون، والركاب كانوا شباب وبنات ثائرين من كل سوريا، ونحنا عم نتجول من حي لحي ومن شارع لشارع.

كان القابون فاضي من الجيش و الأمن والشبيحة، ومليان بالسوريين

كان عروس طالعة من عين الفيجة، والسما عم تشلح عطر الياسمين والجوري، ووجوه أهل القابون المليانة أمل وإصرار ع الاستمرار بمطلب الحرية عم تغني وتعاهد شهدا القابون.

نزلوا الشباب عند تجمع الشباب، ونزلنا نحنا عند تجمع النساء، وكان الاتفاق نلتقى كلنا عند الساحة يلي قدام الحديقة ،غطست بين الصبايا، شفت رفيقتي يلي حكت معي ع التلفون، قلتلها: وأحلى مولد والله، كانت متلثمة بالعلم السوري الأحمر، متل ماكنا نعمل بأغلب المظاهرات يلي كنا نشارك فيها أو نشارك بتنظيمها بالشام، كانت مخبرتني صديقتي إنها من الميدان وبنت شيخ، وأنو على الرغم من هالشي، أول شي عملتو كان رفضها للحجاب من قبل الثورة ، صديقتي كانت تحكيلي عن حلمها بالحرية الجنسية، وبتشتغل  عن المرأة ومع المرأة، ضد التمييز ع أساس الجندر.

يلي عم تهتف كانت راكبة على موتور بتلت دواليب، مثبت عليه عمود وع العمود مثبت مكبر صوت، لابسة بنطلون وقميص، ومغطية راسها بلفحة النظال المعروفة، كنا  عم نردد وراها:

-وبدنا انشيلو لبشار وبهمتنا القوية سوريا بدها حرية ،

بلا ماهر وبلا بشار وبلا هالأسرة الأسدية، سوريا بدها حرية

سوريا حرة حرة، وبشار يطلع برا

-الشعب يريد إسقاط النظام

خبرتها لصديقتي ونحنا بالمظاهرة شو رح نعمل، وقلنا للصبايا لحتى يخبروا الباقي .

استلمت صديقتنا فنانة تشكيلية المكبر وكانت من الميدان كمان وبنت شيخ ، كانت  عاملة ثورة ع الحجاب ، متحررة جداً بلبسها، متزوجة ومطلقة، وعم تتمنى تلتقي بشب من شباب الثورة لتحبو، ويمكن بهالمظاهرة لاقيتو، أصرت تسكن لحالها، ومصرة على الحرية بكل ما تحمل من معنى:

-يا ماهر وياجبان

خود جنودك ع الجولان

-قالوا عنا سلفية، ونسيو يقولوا سورية

-يا للعار يا للعار، سوري يضرب سوري بنار

-الشعب يريد إسقاط النظام

وصلنا عالساحة وكانوا الشباب واصلين من الطرف التاني، كان في شب عم يهتف

وهوة عم بيقول:

  • بالعادة نحنا منتظاهر نسوان لحال ورجال لحال، اليوم كلنا بدنا نتظاهر سوا، وبدنا انوقف دقيقة صمت ع أرواح الشهداء.
  • بعد الصمت، انطلق الحشد بهدير عالي:
  • بالروح بالدم نفديك يا شهيد
  • تابع الشب حديثو مع الناس وهوة عم يخبرون أنو في صبايا وشباب جايين يزرعوا شجرزيتون الساحل السوري لأرواح شهداء القابون، وطلب من نساء وبنات الشهداء يطلعوا ع الجديقة ليزرعوا بنفسون، ما خلّص كلامو حتى كان تلت أرباع الناس صارت بالجنينة، كان واصل جزء تاني من رفقاتنا يلي اتأخروا يالوصول بدأت الكلام:
  • جاية وحابة أقسم معكون قسم لسوريا

ارتفعت الأيادي بالسما:

-نقسمُ بالله العظيم

أننا نريد سوريا حرة موحدة، ونقسم أننا شعب واحد، وطني حر، يجمعنا الحب لكامل سوريا، ونقسم أننا  متظاهرون سلميون، وسنستمر في التظاهر السلمي، حتى استرجاع كامل حقوقنا المسلوبة، ونريد تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية، و نقسم أننا نريد علاقات ندية وشفافة مع دول العالم، تخدم الإنسانية والحضارة، لا سوريا التدخل الأجنبي، ولا المؤامرات الخارجية، نحن

شعب متحضر لا يقبل العنف ولا القتل، يملك الكرامة، والحرية، والهوية السورية، فمن عاش على هذا التراب

عنا هذا النظام، الذي قسمنا وشوهنا، وجعلنا نعتقد أننا نكره بعضنا، سيحيى على هذا التراب ،نقسمُ أننا نسقط

باسم الله، وباسم  سوريا، وباسم الحب، سنعيدُ مجد سوريا وحضارتها

والله الموفق

  • ونحنا عم نقسم ما عرفت كيف خلق القرنفل الأحمر بين الأيادي المرفوعة بالهوا، ولا عرفت كيف صارت كل هالناس بالحديقة يلي اتحولت لمهرجان للأطفال والصبايا والشباب والأمهات، وأمهات الشهدا وبناتون، ونحنا عم نزرع عطاني شب بنتو الزغيرة حتى إحملها وأنا عم بزرع وهوة عم يقول: هي بنتي سوريا، منشان بكرا تطول مع هالشجرة، وراح صار يدور فيها من شجرة لشجرة  متل يلي عم يعمدها .
  • مستحيل حدا بنسى فرح الأمهات وهنن عم بزرعوا لولادون شجر بأسماؤون، متل مو مستحيل بالمستقبل حدا يعرف أيا شجرة كل شهيد إلا أمو أو أختو أو حبيبتو أو بنتو يلي زرعتلوا الشجرة بهداك اليوم .
  • مستحيل حدا ينسى ضماتهون لألنا، ولا فرحهون المعجون مع دموع الألم والحرقة، مع الفخر فيهون وامتنان إلنا، .
  • ماحدا ممكن ينسى الطفلة الراسمة العلم على وجهها وهية قاعدة على حفة الجنينة مع صبي من عمرها، عم يهتفوا للحرية معون قرنفل والعلم السوري.
  • ولا حدا ممكن ينسى العشاق يلي غاصت فيهون الجنينة، ولا ممكن إنسى الشب والصبية يلي صاروا يزرعوا القرنفلة الحمرا ليكسبوا الوقت وهنن عم يتطلعوا ببعض ويبتسموا،
  • ولا ممكن حدا بنسى وجه رفيقتي وهي عم تشيل عن وجهها العلم الأحمر” اللثام” ووجهها مغطاه البكي، وهية عم تقول:
  • شو هاد ماعاد في حاجة خبي حالي، ماعاد بدي خبي حالي، يلي عم بيصير عظيم
  • ولا كيف ممكن إنسى إصرار زوجات وبنات الشهدا على إني إزرع معون الشجرات ، حضناتهون إلي انطبعت بروحي
  • أخد المكبر شب من الشباب

وبدأ كلامو: -الله محبة، الله محبة، ورح نقول مع بسم الله الرحمن الرحيم، المجد لله في السماء، وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر، يا نظام نحنا أخوة ومابتقدر اتفرقنا.

وصار يعيد الصلا المسبحبة، والناس عم ترد وراه، وكملوا:

-إيد وحدة إيد وحدة

ونحنا بهالأثناء صرنا نغني  :

 إني اخترتك يا وطني حبا وطواعية

إني اخترتك يا وطني سرا وعلانية.

17/7/2011، كان بوم غير عادي، ماممكن ينتسى، يومها الكل فاض بالجمال والرقة والصفاء والسموالروحي، كتير ناس صاروا يبكوا، كتير ناس شالت اللثام، الكل حس حالو مانو ع الأرض، من الدفق الإنساني يلي صار و التشارك الإنساني يلي خلقو التراب والمي والشجر، عودة الأصل السوري القديم قدم الحضارة.

وصلوني شباب من القابون خارج القابون بسيارتون، كان الليل بلش ينزل ع الشام، والسما صار لونها كحلي، طلعوني من طريق ما عليه حاجز، ونزلنا بمكان شفنا أنو الأنسب لحتى ما ننمسك مع بعض.

وأنا مليانة بالنشوة، وقفت تكسي، وخبرتو عنوان بيتي، وفجأة بسمع من الراديو يلي كان معليلو صوتو كتير، بما معناه، أنو اليوم حوالي الساعة تنتين الضهر، كانوا المواليين للنظام، نازلين ع ساحة الأمويين، لحتى يقسموا لبشار الأسد قسم ” الوفاء للوطن”، سألتو للسائق:

-عفواً شو كان في اليوم بساحة الأمويين؟

-نزلت الناس ليقسموا لقائد الوطن، ومعون نجوم الغناء بسورية والعالم العربي،.

قلتلوا وانا مصدومة من المفاجأة:

– كانوا عم بقسموا ؟

-لك إي الله يحمي هالبلد

-آمين يا عمو

مسكت إيد الشباك وصرت نزل البلور، وطلعت راسي من الشباك وصرخت:

-الله كبييييير

اتفاجأ الزلمة بردة فعلي، وصار يطلع فيني بالمراية وعبونو مليانة حيرة وشك  واستغراب، أكيد كان معو حق، بس ما قدرت إلا إني إضحك وأضحك وأضحك وانا عم كرر جملة ” الله كبير الله كبير” كنت حاسة أكتر منو بغرابة هادا النهار، هوة ما كان بيعرف وين كنت؟ ولا شو صار ؟ معو حق يستغرب لأن انا نفسي ما كنت عم بقدر صدق هالصدفة العجيبة، يلي حسيتها بهديك اللحظة مو صدفة قدر

ب 17/7/2011 ماكنت بعرف إلا  أنو  أيادينا يلي عم تنعجن مع التراب وعم تنعجن مع أرواحنا وأحلامنا وأفكارنا وأهدافنا، مع وجوهنا المتقاربة، و أنفاسنا يلي عم نتشارك فيها أوحولي بقسم يجمعنا، قسم سلمية لطالما حلمت يطلع معنا بشي لحظة، حتى إذا أطلقناه بكل العفوية يلي بيحملها يتحقق، وتتحقق من خلالو مطالبنا، كنت مؤمنة بطاقة الكلمة المحمولة من قبل جماعة، وبالأخص لما بتحمل طاقة السلم والسلمية، كنت عم حس بهدبك الأيام بخطر حمل السلاح، بالأخص أنو قبل بيوم من هي المظاهرة كان القابون عم يشييع تلتعشر شهيد سقطوا  بالمجزرة يلي عملها النظام بجمعة ” أسرى الحرية” ، الخوف ع الثورة من انحرافها عن السلمية بسبب ظلم النظام و بطشو.

بـ 17/7/2011 ماكنت بعرف أنو في ناس نازلين ليقسموا بالوفاء لسيد عم يخونون ويخون سوريا بأكملها، ولا مع أكبر مخيلة سينمائية  كان ممكن أتخيل أنو اللحظة العفوية كانت عم تقاوم لحظة مدبرة، لحظة الصدق، عم تقاوم مؤامرة.

*فدوى سليمان …  5/1/2016 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *