أخبار

جرائمُ اللايك … والتَّغريدة … بحقِّ الدَّمِ السّوريّ

مالك أبو خير

اشتمْ ابناء الاقليات والمذاهب الدينية وقل عنهم انهم نصارى ومجوس ويجب حرقهم وقتلهم، وأنا أضمنُ لكَ متابعةً قويّةً على التويتر و سيلحقُ بكَ الآفُ المغردين يعيدونَ تغريدتَك ، بالإضافة إلى قلوبِ الإعجابِ التي ستنهالُ عليكَ … لكن إيَّاكَ ثمَّ إيَّاكَ أن تتحدَّثَ عن حقائقَ ومعلوماتٍ ربَّما تزعجُ الآخرين ، وتكشفُ حقائقَ عن حربٍ قذرةٍ تورَّطَ السُّوريون بها وعن لعبةٍ دوليَّةٍ أغرقتهُم في مستنقعِ الشَّرخِ الاجتماعيِّ

 وإذا ما قامَ الدُّروزُ بمظاهرةٍ ضدَّ النِّظامَ كما يحدث مؤخراُ …  إيَّاكَ ثمَّ إيَّاكَ عزيزي المعارض أن تكونَ سياسيِّاً ناجحاً وتجذبهم إليكَ وتقفَ إلى جانبهم، بل تابعْ مسلسلَ الشّتائمِ أكثر وأكثر قلْ :” ( بكير والله … أو الدّروز بيروحوا مع الكفة الراجحة وهلق شافوا الكفة الراجحة وعم يروحوا معها )

 بالمقابل عزيزي الموالي لنظامِ الأسد … اشتمْ أنتَ أيضاً كلَّ المعارضين مهما كانت طائفتهم وكلَّ شخصٍ يقولُ لا للأسد … واتَّهمْ كلَّ مواطنٍ طالبَ بحقوقهِ المشروعةِ بالإرهابِ والسَّلفيةِ والتَّكفيرِ وانه ينتمي لداعش وجبهة النصرة، و سأضمنُ لكَ أيضاً مئاتِ المعجبين والمتابعين وإذا ما قتلَ نظامُ الأسدِ أخاكَ السُّوريّ تحتَ التّعذيب قلْ : ( كلب وفطس الله لايردوا )  ..

لكن إيَّاكَ ثمَّ إيَّاكَ أن تقفَ إلى جانبِ إخوتِكَ المشرَّدين في المخيمات و تكون إلى جانبهم ، أو أن تقولَ إنَّ طيرانَ بلادي عندما يقصفُ مواقعَ داعش يقتلُ مدنيين لا ذنبَ لهم ولا حول ولا قوة ، بلْ اشمتْ بهم وادعو لهم بالدعس والفعس … إيَّاكَ أن تكونَ رحيماً أو أن تدخلَ الشَّفقةَ إلى قلبك … عندها أضمنُ لكَ متابعين على وسائلِ التَّواصلِ الاجتماعيّ وأضمنُ لكَ شهرةً كبيرةً …

لكي تنجحَ عزيزي السوري المعارض او الموالي في فضاءِ الفيس بوك والتويتر عليكَ أن تتعلمَ سياسةَ الشَّتيمةِ الإعلاميَّةِ و أنا أكفلُ لكَ النَّجاحَ والشُّهرةَ ، ولا تنسَ أن تتعلَّمَ سياسةَ التَّشبيحِ والتَّخوينِ والإقصاءِ ومحاربة كلّ من يخالفكَ بالرَّأي ، وطبعاً لا ننسى سياسةَ التَّعالي و( شوفة الحال على العباد الفقراء المعترين)

 عليكَ أن تتعلَّمَ أيضاً فنَّ النَّميمةِ عبرَ الرَّسائلِ في الفيس بوك … حيثُ يتوجبُ عليكَ في كلِّ حديثٍ على الخاص أن تخوّنَ أحدهم وتختلقَ القصصَ والرِّوايات لذمّهِ، وأن تحذِّرَ النَّاسَ منهُ و تثبتَ للآخرين أنَّهُ قريبُ الشَّيطان ، ولا تنسَ أن تثبتَ للبشريةِ كلّها أنَّكَ الشَّخصُ المضحي والنَّظيف في هذا الكوكب .

عندما اتَّهمَ أحدُهُم  مازن درويش بأنَّهُ أخطَأ في خطابِهِ في الأُمَمِ المتَّحدةِ و أنَّهُ يريدُ حمايةَ الأقليّات … قامتْ قيامة الفيس بوك ولم تقعدْ … وبدَأَ عشّاقُ مازن بالدِّفاعِ عنهُ ومنهم من صوّرهُ أنَّهُ نبيٌّ مُنَزَّلٌ من السَّماءِ …بينما صوّرهُ آخرون بأنَّهُ الشَّيطانُ الذي يطعنُ بظهرِ الثَّورةِ … فمثلاً أحدُهُم دافعَ عنهُ قائلاً:” تحتاجونَ إلى الكثيرِ الكثيرِ من الوعي والوطنيَّةِ والإيمانِ بالقيمِ لتصلوا لربعِ ما يملكُهُ مازن درويش من قيمٍ وطنيَّةٍ وتاريخٍ نضاليّ .. يا من تشوهون بغباءٍ وصفاقةٍ ودونَ فهمٍ و بكثيرٍ من الكذبِ ما قالَهُ المناضلُ الحُرُّ مازن درويش)

 . فيهاجمهُ آخر و يردُّ:” طبعاً ما دامو علوي شو بدكن تتأملوا يطلع منو … بالنهاية مارح يطلع منه غير تعصبو لدينو …… “.

في الدِّفاع نمارسُ التَّشبيحَ وفي الهجومِ نمارسُ التَّشبيحَ أيضاً … لكن من الممنوعِ أن نناقشَ بعقلانيّةٍ حقيقةَ ما نريد … فـ مازن ليسَ نبيَّاً عصيّاً على النّقدِ ، وبالمقابل ليسَ من المنطقِ أن يكونَ الإتّهامُ الطَّائفيُّ والتَّحريضُ وسيلةً من وسائلِ النَّقدِ …

و في النّهايةِ يأتي سياسيٌّ معارضٌ ويهنِئُ العلويين بعيدهم ، ويقولُ عنهم : (سكّانُ الأرضِ الأصليين) ضمنَ إشارةٍ استطاعَ جمهورُ الفيس بوك والتويتر فهمها ، أنَّ باقي سكّان سوريا دخلاء على هذهِ البلد … تصوَّرْ أن يقدِّمَ سياسيٌّ طرحاً طائفيَّاً كهذا … وهو نفسهُ يقول : أنّهُ يسعى لإيقافِ نزيفِ الدَّمِ السُّوريّ … وهو نفسهُ يتَّهمُ الآخرينَ بأنّهم يمارسونَ طائفيَّةً بغيضةً … يطرحُ طرحاً طائفيَّاً لا يمتُّ للنسيجِ السُّوريّ بصلةٍ ثمَّ يستغربُ لماذا تكون ردَّةُ الفعلِ على كلامهِ طائفيَّة بنفسِ قوَّةِ كلامهِ

أحدُهُم نشرَ على حسابِهِ الشَّخصيّ رابطاً لمقالةٍ تتحدَّثُ كيفَ يقومُ نظامُ الأسدِ بإجبارِ الشُّبانِ على الذَّهابِ للجيش ، وكيفَ يقومُ باعتقالِهم على الحواجزِ فكتبَ :” انظروا ماذا يفعلُ نظامُ الأسد بالشَّبابِ السُّوريّ” … ذات الشَّخص في اليومِ التَّالي ( أي بعد 24 ساعة لا أكثر ) نشرَ مقطع فيديو لعسكريٍّ سوريٍّ قبضَ عليه الثُّوارُ وهو يصرخُ :” والله صرلي 15 يوم أخدوني ولبسوني البدلة وحطوني ع الحاجز والله أنا أجيت ع الجيش غصب عني ” وكتب تعقلياً عن الفيديو ” افرموووووووووووووووووووووووووه ع السكين يا ابو فهد ” … سؤالٌ لوجهِ اللهِ لمثلِ هذا الشَّخص :” هل تستوعب ما تنشره وما تقوله؟”. … وطبعاً يحصدُ اللايكات والتّعليقات الّتي لا تشبعُ من لغةِ الدَّمِ ونشوةِ الذَّبحِ والقتلِ … والانتقام..

وبالعودة إلى الوصايا … أكملُ لكم أساليبَ النَّجاحِ الفيسبوكيِّ والشُّهرةِ … إن رأيتَ فريقاً سوريَّاً ناجحاً ومتميّزاً ، يعملُ في ( الإغاثة أو الإعلام أو أيِّ مجالٍ آخر) إيَّاكَ ثمَّ إياكَ أن تقفَ ساكتاً … هاجمهُ واخلطْ الأوراقَ واشتمْ أمَّهم وأباهم … خوّنهم افعلْ المستحيلَ كي تدَّمرَ أيَّ خطوةٍ يقومون بها … لكن إيّاكَ أن تقدِّمَ وثائقَ حقيقيَّةً تثبتُ صحّةَ كلامكَ فقط عليكَ أن تشتمَ وتخوّنَ وما على جمهور الفيس بوك سوى أن يصفّقَ لكَ ، فالجمهورُ يعشق لغةَ النَّميمةِ والفضائحَ ولا يحتاجُ لوثائقَ، بل يحتاجُ إلى كلماتٍ قليلةٍ من التّخوين وستجدهُ فقط يعلِّقُ قائلاً :” صدقتَ أي والله”.

حبُّ اللايك والشّهرة جعلنا نفعلُ المستحيلَ من أجلِ الحصولِ عليهم … جعلَ البعضَ يدافعُ عن إجرامِ الأسدِ مقابلَ اللايك ، وجعلَ البعضَ يدافعُ عن جرائم بعض فصائل المعارضةِ ومؤسّساتِ النَّصبِ والنَّهبِ في جسدِ المعارضةِ فيمارسُ التَّشبيحَ في سبيلِ اللايك أيضاً … وجعل البعض يتحول الى بوق يمجد إجرام داعش واخواتها في سبيل اللايك وكسب اكبر قدر من المتابعين.

حبُّ اللايك جعلَ البعضَ مجرماً كلُّ كلامهِ ( دعس وفعس وقتل وذبح ) ولهُ آلافُ المتابعين المصفقين … حبُّ اللايك والتَّغريدِ أفقدَ الكثيرَ عقولهم … وجعلنا نعيشُ في عالمٍ وهميٍّ نمارسُ جرائمَ اللايك دون أن نطلقَ رصاصةً واحدةً … جعلنا نحرِّضُ دونَ أن نفكِّرَ أنَّنا غارقون في بحرِ الوهمِ ، فيما نظامُ الأسدِ والمستفيدُ معهُ من المعارضةِ ومعهم المجتمع الدُّوليّ مسرورٌ من غرقنا في عالمِ الوهمِ الافتراضيّ واستمرارِ شلالِ الدَّمِ الّذي يحقِّقُ أعلى الأرباح لهم.

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *