أخبار
رسالة إلى الله

رسالة إلى الله

مالك أبو خير – رئيس التحرير 

رسالة إلى الله الذي أعبده وأسير على طريق توحيده

أنا العبد السوري … أرسل إليك رسالتي … وأعلم أنك ستقرؤها …

إنها السنة السادسة على المحنة السورية، أعلم أن أرواح السوريين التي تصل إليك تخبرك عن وجعنا على الأرض، و أنا موقنٌ أنك تسمع صراخ من تبقى على قيد الحياة، تسمع دعاء كثير ممن لا يزالون على قيد الحياة، يطلبون منك الفرج في المعتقلات وتسمع وجعهم وهم يتعرضون إلى أصعب أنواع التعذيب … ذات يوم كنت معتقلاً وكان الوجع يؤلمني ودعوتك، فاستجبت لي.

أعلم أن كل الصراخ الذي يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي تقرؤه، وكل ما يُحاك من مكائد بحق السوريين تعلمه علم اليقين، بل إنك تعرف ما يفكر به الطّيار قبل أن يقصف حياً سكنياً وقبل أن تصير الأشلاء هنا و هناك، وتعلم متى سيطلق الجندي القذيفة من مدفعيته ليقتل المدنيين.

على حسب ما تقوله الكتب العتيقة فإن سورية أرض مباركة، وفيها تكون البداية وفيها تجتمع خيوط النهاية، وعلى أرضها حدثت كل المعجزات، واليوم تحدث معجزة يعرفها القليل من عبادك،  بل إن عقول الكثير من العامة تعجز عن تفسيرها، و تغفل عن كوننا نسير إلى طريق النهاية المرسوم في نهاية كل مخطط كوني لهذه الأرض، والقليل من يفهم هذه المعجزة لأن الغالبية لا تقرأ من الأمور سوى القشور وتقاتل وتخوض المعارك لأجل هذه القشور ولم تفكر يوماً أن تقرأ كتبك السماوية بعمق.

لدي سؤال واحد … متى يتنهي مصاب السوريين؟ … لن اسأل اسئلة أخرى قد يعتبرها البعض كفراً و أنا لست بكافر وإنما موحد على طريق توحيدك.

قد أتلقى أجوبة عديدة … لعل أهمها … ينتهي هذا عندما يتوقف القائد عن المتاجرة بجنوده الذين خرجوا من أجل حريتهم، أو عندما يفهم الناس أنه لايجوز أن تقاتل الظالم وتصبح نسخةً عنه، أو عندما يبصق الشعب المظلوم في وجه ذلك السياسي الذي يحرضهم بالدين تارة وبالمظلومية تارةً أخرى ويشحن قلوبهم بالطائفية ويزجهم في معارك وهمية بعيدة عن المعركة الحقيقية وهم ينقادون كالأغنام خلفه ومن تحت الطاولة يشكره الجلاد على ما يفعل.

قد يأتي جواب عندما يسود الوعي عقول من يحملون السلاح، وقد يكون الجواب عندما يكشف الناس اللثام عن وجوه المنافقين الجالسين خلف المنابر الإعلامية وقارئي النشرات الذين يطالبون بالحرية في العلن وفي الخفاء يأخذون التعليمات من مشغليهم لحرف المسار نحو شيء آخر غير الحرية، أو عندما يتوقف الناس عن التصفيق لكل من تاجر بقضيتهم.

قد يعاتبني قائلاً … لقد كنتم قادرين على التخلص من جلادكم منذ سنوات لكنكم اخترتم الانقياد خلف جماعة تبيع نفسها بالرخيص، وخاضت المعارك في كل سورية باستثناء المكان الذي يحسم القضية، وخرجتم إلى دول أخرى لاجئين وفي تلك الدول بدلاً من التوحد بدأتم بنسج المكائد لبعضكم البعض، أنتم من ناصرتم فصيلاً يتكلم باسم الله زوراً وبهتاناً ويذبح ويقطع الرقاب ويرتكب أبشع الجرائم باسمي وكنتم وقوداً له، أنتم حتى اليوم لم تجتمعوا على كلمة واحدة في وجه من يحاربكم بل اجتمعتم على محاربة وتخوين بعضكم البعض بدلاً من محاربة الجلاد.

قد يكون الجواب … أنتم جبناء عندما صمتم عن اغتيال وتصفية كل قائد حارب بحق وضمير لأجلكم، ولم يكن لديكم الجرأة لتشيروا بإصبعكم نحو القاتل الذي يطعن بظهركم ويدعي أنه يحارب معكم، وكنتم العون لكل قائد اختار أن يتاجر بكم، ما ذنبي إذا قلت لكم ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وأنتم حتى على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي لم تتعلموا كيف تحترمون بعضكم البعض وبدلاً من مناقشة الاختلاف بالرأي والوصول إلى حل أصبحت الشتيمة وهتك الأعراض وسيلة للتفاهم.

قد يكون الجواب … كيف أنصركم وغالبية الذين وجب عليهم أن يكونوا أمناء على أموال اليتامى والمساكين والمشردين ، كانوا السارقين والمتاجرين به، وفوق ذلك جعلتم منهم الأمناء وما زلتم إلى اليوم تصرون أن يكونوا قاتدكم وتدافعون عن أخطائهم … كيف ذلك وغالبية من وصل مال المظلومين ليديه تحول إلى تاجر وبائع.

كيف أنصر قوماً الشريف والعاقل فيهم مهمش مذموم … وإن تكلم بكلمة حق… يهاجمه صغار القوم ( قيمةً وعمراً ) بالشتائم ، وكيف أنصر قوماً تناسوا قانون احترام الصغير بالعمر للأكبر منه عمراً و الأكثر علما ومعرفة وحكمة.

يا الله … أنا أعلم أن من يقرأ كلماتي سيعتقد أنني أدافع عنك، و أنا لست بمدافع و أنت أسمى من أن يدافع عبد عنك فأنت الله الذي أعشقه و أعبده.

يالله … أعلم أن الملحدين قد يتناولون كلامي من باب إثبات الحادهم، و أن المتطرفين في فهم الدين قد يتناولونه بشكل مغلوط و أن صغار العقل والذين يعجزون عن قراءة ما بين السطور قد يهاجمونني و أعلم أن من شعروا بكلامي السابق أنه قد تناولهم وأشار إليهم إما أن يهاجمونني أو سيصمتون ويعملون على محاربة هذا الكلام كعادتهم ” من تحت الطاولة التي تعطيهم التعليمات”.

يالله … كنت أقصد بسؤالي متى يتنهي هذا الذي يحدث بالسوريين؟ … أقصد السوريين الذين لاحول لهم ولاقوة … السوريين الذين دفعوا وحدهم الثمن وتاجر الغالبية بلحمهم وعرضهم … كنت أقصد السوريين الذين يصرخون باسمك ولم يأت أي أحد لنصرتهم … وإنما جاءت الغالبية لتتاجر بهم وتشارك بقتلهم.

يالله … مازالت أنفاسي وروحي التي أودعتَها أمانة في جسدي تعلم علم اليقين أن مصير الجلاد سيكون كمصير فرعون، وأعلم أن  نهايات الظالمين واحدة متشابهة لا تتغير، وأعلم أن قوة العدل لديك أقوى وستطال كل من سلّم نفسه لشيطان الجسد … أنا أعلم أن العدل قادم، ولا يهمني كل من فقد الأمل وبات يهذي كشارب الخمر الذي يطلق الترهات …

سألت سؤالي هذا ومازال الإيمان بالعدل موجودا … لكنني أسأل من وجع ما يحدث كل يوم.

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *