أخبار

سوريا الجديدة بين فيسبوك المعارضة وانهيار النظام وتفكك الدولة السورية

تحول السوري إلى أداة للمشاهدة فقط، يشاهد أرضه يرسم عليها ويخطط عشرات المشاريع الدولية التي تقرر ماذا سيحدث

وكيف توزع الحصص على جميع القوات الأجنبية المتواجدة في البلاد.

سنوات وسورية تذهب نحو الهلاك والتفتت، عبر نظام أتقن فنون البيع والشراء والتهجير، وهندس التغيير الديمغرافي، وكان أهم

عون له المعارضة السياسية التي لا تقل عنه سوءاً في الفساد والعمالة وبيع مناطق النفوذ.

سنوات طويلة تم حصار المعارضة السورية الحقيقية المؤمنة ببناء وطن سوري ضمن أسوار الفيس بوك، يفعلون به ما يحلوا لهم،

يصدرون البيانات والمنشورات، يعبرون عن آرائهم، ويشتمون ويلعنون أي مشروع دولي ينفذ على أراضيهم لايحلو لهم، لامشكلة

أبداً في ذلك، المهم هو أن تبقى آرائهم ضمن إطار الكلام والبيانات التي لا تغني ولا تفيد، فيما المشاريع كلها تسير وتنفذ على

الأرض على قدم وساق ولاتبالي لكل الشتائم والبيانات التي يتم نشرها وكل التوقيعات المرافقة لتلك البيانات التي تجمع ويعبر

الموقعين خلالها عن غضبهم ووجعهم على وطنهم.

 

النظام السوري مازال موجوداً لأسباب كثيرة، أهمها أنه ينفذ المطلوب منه دولياً بنجاح، ويعرف كيف يتعامل مع المشاريع الموجودة

على الأرض، فهو يجعجع إعلامياً على إسرائيل وأمريكا، لكنه لايتجاوز الخطوط الحمراء معهم، يحالف إيران ويساهم معها في تنفيذ

مشروعها الطائفي، وانحنى لروسيا وسمح لها بالركوب على ظهره ونفذ كل ما يخدم مصالحها، يهاجم الإتحاد الأوروبي ويهدد

بمسحه عن الخارطة في العلن ويرسل وفوداً للتفاوض من تحت الطاولة، واستطاع اختراق المعارضة السياسية، وبات له عناصر

فاعلة ضمنها تساهم في مهاجمة أي مشروع وطني يساهم في إنهاء وجوده بحجج كثيرة أهمها خيانة الثورة والثوار.

 

وبقاء النظام لايعني نجاحه واستمراره، فهو الآخر غرق في بحر التبعية والعمالة والفساد، وبات عاجزاً عن تأمين رغيف الخبز

للمواطنين في مناطق سيطرته، وانهارت مؤسساته واحدة تلو الأخرى وجميع المناطق التي يدعي السيطرة عليها هي خارج

سيطرته وتحكمها ميليشيات متناحرة وكأنها غابة البقاء فيها للأقوى.

 

عند النظر لكامل المشهد السابق، لابد من الإعتراف أولاً أننا أمام تفكك للدولة السورية، وتوزعها تحت قوى نفوذ مختلفة، مع عجز

السوريين عن طرح مشروع وطني فاعل حقيقي وفعال على الأرض، دون نسيان محاربة الجميع له أن وجد هذا المشروع وأولهم

المعارضين السوريين أنفسهم وخاصة الذين سيشعرون أن ليس لديهم أي دور فيه، لاننا نعلم جميعاً أن المعارضة السورية يهمها

مصلحة أي دولة يتبعون لها استخبارتياً وينفذون مصالحها على الأرض.

 

مشهد سوري حزين، يحتاج لثورة جديدة للخروج منه، ثورة تخرج جميع وجوه المعارضة السابقة التي أغرقت سوريا عبر عنجهيتهم

وفسادهم  وغبائهم في معظم الأحيان ببحر من الهزائم، لدرجة أصبحنا نشاهد شخصاً ذو منصب مهم في هذه المعارضة أقصى

مالديه هو كتابة منشور على صفحته الشخصية يعبر عن رفضه لهذا المشروع الدولي أو ذاك بدلاً من وجوده في المحافل الدولية

يحارب لأجل وطنه … عجز وذل مابعده ذل.

 

كي تستطيع التفاهم والتحاور والاندماج مع اللاعبين على الأرض السورية عليك أن تعيد ترتيب صفوفك من جديد، قد يعتبر هذا

الكلام ضرب من الجنون، لكنه الجنون الوحيد القادر على الخروج من كل ما سبق، جنون يحرر المؤمنين بوطنهم من أسوار الفيس

بوك، وتحديداً جيل الشباب الذي تحمل الجزء الأكبر من سوء هذا الواقع.

 

سورية التي نعرفها إنتهت … سورية اليوم تفككت وتهجر سكانها وتغيرت ديمغرافياً وتقسمت إلى مناطق نفوذ، وسلوك المعارضة

الحالية مع انهيار النظام سيدفعها نحو الهلاك أكثر، هلاك ترفضه القوى اللاعبة على الأرض وتبحث له عن حلول ليس حباً بسورية

وإنما حباً بمصالحها.

 

نعم ضرب من الجنون … لكنه جنون العاقل الذي لايعرف الخوف أو اليأس، ويعرف تماماً مع أي جهة يتحالف وأي خصم يفاوض وأي

خصم يحاربه حتى النهاية، فهو وحده من سيقرر حينها شكل سورية الجديدة وخطواتها القادمة.

 

 

 

مالك أبو خير – مدير مؤسسة أنا إنسان

اقرأ أيضا :  أزمة غاز في سوريا والأسعار ترتفع بشكل جنوني والسلطة غائبة

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *