أخبار

عن الثورة السورية المتطرفة والهمجية … وثورة شعب لبنان الحضاري

بكل وقاحة يكتب أحد من السوريين منشوراً على صفحته يمتدح ثورة إخوتنا اللبنانيين ويؤكد أن حراكهم سلمي بينما كان حراك السوريين تطرفاً وإرهاباً، وبكل وقاحة أيضاً تجد شخصيات تقدم نفسها للجمهور على أنها معارضة وتقدم ذات المقارنة وبوقاحة عالية وبحقد يوضح حجم الكره الذي أعمى قلوبهم، وبإمكانك عزيزي القارئ عندما تقرأ مثل هذه المنشورات ( لمعارضين أو موالين ) أن تبحث قليلاُ ضمن صفحاتهم الشخصية لتصل إلى نتيجة أن غالبيتهم إما طائفيين يقدمون هذه المقارنة لإثبات نظرية النظام السوري أو أنهم شخصيات متسلقة مستفيدة من نظام الحكم وتعمل تحت عباءته.

في البداية علينا الإعتراف بأن الثورة اللبنانية أعادت الروح للسوريين ولكثير من الشعوب العربية التي مازالت تريد الخلاص من أنظمتها الشمولية الإرهابية واستطاعت رسم وجه مدني حضاري بعيد كل البعد عن أي ملوثات يمكن إستخدامها للصق تهم العمالة أو التطرف وغيرها من التهم التي يتم توجييها للشعوب الثائرة، ولابد من رفع القبعة لهم إحتراماً لوطنيتهم ولثورتهم السلمية.

لكن وبالعودة للحالة السورية، وهنا أوجه كلامي لكل من هاجم الثورة السورية ومن السوريين حصراً خلال الأيام الماضية وتحجج بأنها كانت إرهابية أو سلفية أو طائفية ولنذهب سوياً لنقاش العوامل التي افتقدتها الثورة السورية وكانت بحاجة ماسة لها حتى تقدم وجه أكثر نضجاً وحضارة، حيث أن لكل ثورة حوامل خاصة بها تساهم في نهضتها ونجاحها سأذكر بعضاً منها فقط.

أولا – قوة المجتمع المدني: وهو الحامل الأساسي لكل الثورات في عصرنا الراهن لما يحمله من وعي وقدرة على تصويب إتحاه الشارع نحو المسار الصحيح، وعند السؤال عن سبب غيابه فالجواب لدى الأجهزة الأمنية السورية التي قضت منذ عام 1970 على أي نشاط للمجتمع المدني الحقيقي وكانت تهم العمالة والإرتهان للخارج العنوان الذي استخدم للبطش بكل مكونات هذا المجتمع والقضاء عليه.

ثانياً – الأحزاب السياسية: وغيابها واضح وضوح الشمس ومن هو موجود على الساحة السورية ليس سوى دمى متحركة بأيدي الأجهزة الأمنية وتسبح في مجارير نظام الحكم وتلحس من فتاته ولا تمارس أي دور حقيقي، فيما الشخصيات السياسية الحقيقية كان الإعتقال أو النفي بإنتظارها تمهيداً لبقاء حكم طائفي يختبىء خلف حزب البعث المهترئ وخلف المقاومة والممانعة.

ثالثاً- الصالونات السياسية : هي أيضا تم القضاء عليها، وتم سحق أي لغة للحوار والنقاش بين السوريين، وبقيت لغة الحزب الواحد ولغة القمع سيدة الموقف.

رابعاً – النشاط الثقافي والإجتماعي: النشاط الثقافي كان مختصراً بمكتبة الأسد والمراكز الثقافية التي كانت طوال حكم الأب والإبن عبارة عن مكان لصعود شخصيات تلحس من حذاء السلطة وتشرب من نفاقها، في حين لم يكن هناك أي نشاط ثقافي حر وحضاري يخرج من رحم الشعب نفسه، وانحدر هذا النشاط الثقافي لدرجة وصلت لوصول شخصيات خرجت من كرخانات وملاهي دمشق الليلية لتغني في دار الاوبرا السورية، أما وزارة الثقافة فمن يقرأ كلماتي هذه يعلم أنها كانت عبارة عن مركز متناسق للفساد والمحسوبية وتحولت مع مرور الوقت لملهى ليلي تستطيع فيه أي فتاة ليل تمتلك علاقات قوية بالأجهزة الأمنية أخذ ماتريد وفعل ماتريد، وبالذهاب للمسرح وهو عنصر هام في نقل الوعي وصوت الشارع فأيضا لست بحاجة للشرح كيف تم إسكاته وتهجينه لصالح السلطة عبر عوامل عديدة.

الإعلام وحرية التعبير : وقد اقتصر دوره على القناة الأولى والثانية والفضائية السورية وقناة سما وغيرها وكلها تسبح في مجارير نظام الحكم وتمجده، وتمنع أي دور للحرية حتى على مستوى إنتقاد رئيس البلدية، وأيضا لست بحاجة لشرح كيف تم قتل صوت الإعلام الحر في سورية.

ورغم غياب هذه العوامل السابقة عن الثورة السورية، ورغم صوت القمع الوحشي خرجت في الثورة السورية أصوات مدنية حقيقية من مختلف المحافظات السورية مثل داريا وحلب وحماة وحمص ودرعا واللاذقية والسويداء والجزيرة السورية، قدمت مثالاُ كبيراً للعمل السلمي بدءاً من غياث مطر ومازن وعبد الحكيم ويحيى الشربجي ومشعل التمو ورامي هناوي وفدوى سليمان وغيرهم من آلاف الاصوات السلمية التي أرعبت نظام الحكم وشن هجومه الدموي عليها وقتلها بكل شراسة ووحشية ودموية وتحولت دمشق لمسالخ بشرية يتم قتل كل الأصوات المدنية في حين تابعت المعارضة السورية نفس العمل عندما تسلحت عسكرياً لكون هذا الصوت خطر على كلا الطرفين ( النظام والمعارضة المسلحة المرتهنة للخارج ).

أكثر من 6 أشهر والصوت السلمي صامد في وجه دبابات وأسلحة ثقيلة ومتوسطة وحملة إعتقالات وملاحقة ونفي، وقدم أفضل صورة مدنية بأصعب الظروف وأكثرها قسوة ووحشية، وواجه هذا الصوت السلمي نظام دموي ومعارضة مثل المجلس الوطني وكل من يعمل به دون استثناء عملوا مع النظام على قتل هذا الصوت وأخذ الشعب المنهك من القصف القتل نحو التسلح ومن ثم أخذ تيار التسلح نحو طرق أخرى وصلت بالسوريين إلى هجرة ملايين منهم وتشتتهم في بلاد الله الواسعة.

 بالتالي قبل أن توجه النقد عزيزي الطائفي والحاقد والمتسلق، عليك أن تذكر الأسباب التي سببت هذه الجريمة الكبرى بحق السوريين، وعليك وضع يدك على الجرح وعدم الاختباء خلف حجج نعلم تماماً أنها سبيل لتغطية حقدك على ثورة كادت أن تخسرك مكاسب أخذتها بالقوة عبر سيرك خلف نظام دموي.

نحمد الله أن إخوتنا اللبنانيين ليس لديهم جيش سوري يسحق ثورتهم السلمية بالدبابات، ولا أجهزة أمنية تمارس البطش والترويع، والمجد وكل المجد لصوتهم المدني الذي أعاد الروح والفرح لنا … لكن لابد من ذكر تفصيل صغير وهو أن حزب الله قاتل 8 سنوات وهجر ملاييين السوريين وشارك في قتل الثورة السلمية السورية لأجل إنجاح المشروع الإيراني وليس من المنطق عندما تصل الثورة السلمية  اللبنانية إليه أن يقف ويقول لكم ( تفضلوا هذا سلاحي وأنا خارج الحكم تلبيةً لرغبتكم) … هو الآن كالضبع الجائع يبحث عن جيفة يأكلها مثل داعش أو اي شيء كاللعب على عامل الوقت ليستخدمه ويكون وسليةً للقضاء على صوتكم المدني الجميل.

مالك أبو خير – مدير مؤسسة أنا إنسان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *