أخبار

مسيحيو لبنان غاضبون من إيران.. ما القصة؟

يتواصل الغضب اللبناني تجاه إيران وتدخلاتها في الشأن الداخلي عبر استدعاء وزارة الخارجية للسفير الإيراني على أراضيها، وذلك على خلفية إساءة قناة العالم الإيرانية للمسيحيين وخاصة، البطريك مار بطرس بشارة الراعي، واتهامه بالخيانة ومحاولات التطبيع مع إسرائيل، وهو أمر فجّر غضبا شعبيا وخاصة لدى المسيحيين.

وتمثل ذلك الغضب بعد نشر قناة العالم الإيرانية في 3 من الشهر الحالي، مقالا هاجمت من خلاله البطريك الماروني بشارة الراعي تتهمه بالتطبيع، الأمر الذي استنكرته الرابطة المارونية وطالبت باستدعاء السفير الإيراني وإبلاغه رفضها تلك الإساءة والمطالبة أيضا بالاعتذار الفوري، ما دفع القناة فعلا للاعتذار رسميا للراعي والمارونيين وحذف المقال واعتبار ماورد فيه “سوء فهم”.

لكن تداعيات القضية ما زالت مستمرة حيث أجبر الضغط الشعبي وزير الخارجية اللبناني، شربل وهبي، على استدعاء السفير الإيراني في لبنان للاعتراض على التدخلات والإساءة الإيرانية للمسيحيين على أراضيها.

ورغم حذف المقال وتقديم الاعتذار، حيث اعتبر اللبنانيون أن ذلك المقال لا يندرج في إطار حرية الصحافة وإنما يعتبر تدخلا سافر لقناة غير لبنانية تمثل وجهة نظر نظام الملالي المهيمن على لبنان، بل ويعتبرها إحدى المحافظات اللبنانية.

وقال الوزير “وهبي” خلال مقابلة مع “إذاعة لبنان” ردا على اتهامات شعبية بالتقصير حيال الإساءة الإيرانية للبطريك الراعي: “غير صحيح أنني لم أتحرك في هذا الاتجاه، إذ فور عودتي من القاهرة، طلبت تزويدي بتفاصيل ما نشر في قناة العالم، واتصلت بالسفير اللبناني في طهران والذي أطلعني عما صدر عن الحكومة الإيرانية من اعتذار وإدانة لما نشر”.

أبرز ما جاء في المقال الإيراني

أبرز ما جاء في المقال الإيراني الذي حذفته قناة العالم الإيرانية تحت الضغوط الرسمية والشعبية: “هذا النهج العار يسير عليه اليوم خطوة بخطوة شخص البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في لبنان، مدفوعاً بجماعات يمينية معروفة بعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل والسعودية والرجعية العربية يقودها القاتل سمير جعجع، حيث بدأ بذات الخطاب المكشوف حول حصر السلاح بيد الدولة، وعدم أخذ حزب الله قرار الحرب والسلم رهينة، وعدم الانخراط في سياسة المحاور، وضرورة اعتماد سياسة الحياد، وتدويل القضية اللبنانية لعجز أبنائها عن حلّ قضاياهم وهي مواقف حذّر من مخاطر مآلاتها، الخيّرون من أبناء لبنان، ومن بينهم تيار قوي ومؤثر من الطائف المارونية، الذي يزعم بشارة الراعي تمثيلها”.

اقرأ: لبنان…مودعون يسحبون أموالهم من مؤسسة “القرض الحسن” التابعة لحزب الله

وأضاف كاتب المقال: “خوف اللبنانيين من نهاية الطريق الذي انتهت به هذه المواقف عادة، كان في محله، بعد كلامه عن السلاح والقرار المرتهن والحياد، حيث خرج علينا ابن بشارة، من على شاشة الحرة الأمريكية سيئة الصيت، ليعلن جهاراً نهاراً، أنه يؤيد السلام مع إسرائيل والتفاهم بين الدول لا الحروب”.

المقال يسيء للبطريك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ويتهمه بدعم التطبيع مع إسرائيل، في محاولة من القناة تخوين كل اللبنانيين الذي لا يؤيدون حلف إيران في لبنان، والمتمثل بميليشيا حزب الله وحلفائه، حيث إن الراعي خلال مقابلة تلفزيونية لم يدعم التطبيع كما ورد في المقال ولكنه قال خلالها: “التطبيع مش على وقتي”، وهذا يدحض افتراءات إيران.

الوجود المسيحي يتقلّص ماذا عنهم في لبنان؟


ردود لبنانية غاضبة على المقال

وبدأت الردود الغاضبة من الرابطة المارونية على لسان النائب السابق نعمة الله أبي نصر، والتي وصفت المقال الإيراني بأنه “افتراءات واتهامات باطلة طاولت غبطة البطريرك الماروني بطرس الراعي ومن ورائه من وما يمثل لبنانيا ومسيحيا”، إلى جانب مطالبة وزير الخارجية باستدعاء السفير الإيراني و”إبلاغه رفض لبنان بكل مكوناته هكذا مواقف”.

كما رد مركز البطريركية المارونية لسائر المشرق ومحل إقامة البطريرك الماروني في بكركي على المقال واعتبر أن “هذا الكلام مرفوض تماماً وفيه تطاول، وبما أنه صادر عن مؤسسة إعلامية غير لبنانية، يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية والوطنية وفي شؤون كنيستنا”.

لبنان ولاية إيرانية!

صحيفة “اللواء” اللبنانية، اعتبرت أن عنوان المقال الإيراني “شتائمي وتخويني” وقالت إنه “يحمل شحنات غير مسبوقة من التحامل والاستهداف والتطاول الصادر عن مؤسسة إعلامية إيرانية رسمية على الكرسي البطريركي الماروني لأنطاكية وسائر المشرق الذي يتولاه مار بشارة بطرس الراعي، في موقف يعكس الحجم الهائل للحقد والغضب الذي تحمله إيران لسيد بكركي”.

ويمكن القول إن الهجوم الإيراني المتزايد على البطريك الماروني في لبنان لرفضه سلاح ميليشيا حزب الله واعتباره “سلاحا غير شرعي” ومناداته بالتمسك باتفاق الطائف والدستور اللبناني، وترك القرار الخارجي والداخلي في لبنان للحكومة والقانون، الأمر الذي يغضب إيران وأذرعها الطائفية لأنه يقوض نفوذ ميليشياتها المهيمنة على البلد ويفشل مشروع نظام الملالي، حيث اعتبرت ميليشيا حزب الله وأنصارها أن تصريحات الراعي “دعوة للفتنة”.

وتساءلت الصحيفة “بأيّ حقّ يقوم التلفزيون الإيراني بالتعامل مع لبنان كأنه ولاية إيرانية ويطلق الأحكام والتصنيف على قياداته الدينية والسياسية ويعمّم توجهاته السياسية ضدّ من يخالفه، وما هو موقف المسيحيين المؤيدين لـ (حزب الله) من هذا الاستهداف الوقح لمرجعيتهم الدينية. ما هو رأي رئيس الجمهورية وصهره أصحاب الشعارات الرنانة بالدفاع عن حقوق المسيحيين، وهل يمكن أن يمرّ هذا الاعتداء السياسي السافر على الكنيسة مرور الكرام؟”.

كما أشارت إلى أنه “لا أحد من اللبنانيين يريد الفتنة ولا الحرب. والحرب غير ممكنة، لأنّ هناك طرفاً واحداً يملك السلاح في البلد، هو «حز ب الله» الذي أفشل محاولات التوصل إلى استراتيجية وطنية للدفاع في محطات متعاقبة، ويريد أن يحكم بسلاحه بشكل مباشر. وقد حكم، وها هي النتيجة: كارثة شاملة ودخول لبنان دول محور الممانعة كما قال الشيخ نعيم قاسم، لينضم إلى العراق وسوريا واليمن، في الغرق بالفوضى والتخريب والإفقار والمجاعة والقتل.

وتسيطر إيران على لبنان عبر ذراعها العسكرية المتمثلة بميليشيا حزب الله تحت مبرر محاربة إسرائيل، كحال تدخلها في سوريا والعراق واليمن، لينتهي الأمر بسيطرة كاملة للميليشيا على القرار العسكري والسياسي في لبنان، بل وإفقاره لدرجة الانهيار الاقتصادي الذي بدأت ملامحه تظهر في الأيام الماضية.

المصدر: أورينت نت

تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *