أخبار

الثلم الأعوج من الثور الكبير و مصلحة المواطن

احمد الخليف

قال أحمد زكي في أحد أفلامه عبارة مازالت تدق في رأسي لهذا اليوم:

“كلنا فاسدون، لا أستثني أحداً” .

و ما يتضح لنا في هذا الوقت أن المعظم فاسدون، فببساطة في بلادنا العربية الجميلة، لا أحد يهمه أن يتطور الوطن، أو أن يتحرر، ولا يهمنا حقاً أن نبحث في ما نفعل، هل نحن على صواب أم على خطأ؟

كل ما يهمنا أن نثبت أن الآخرين على خطأ و انتهى الأمر.

لهذا تجد معظمنا يجلس طوال اليوم متابعاً (للفيس بوك) أو (تويتر) أو (يوتيوب)، يبحث عن خبر، أو نصف خبر، أو ربع خبر، أو حتى كلمة واحدة تثبت أن الفريق الآخر، زنديقٌ أو ملحد، أو أنه ديوث لا يغار على عائلته، حتى يبدأ بنشر الأخبار عنه، دون مراعاة لمصدر الخبر هل هو شائعة أم حقيقة؟

لأننا و بطبيعة الحال نصدّق المصدر (لو حكى اللي على مزاجنا)

و لو أن المصدر ذاته تكلم عن شيء لا يعجبنا (ما حكى ع كيفنا) سيكتشف الأخ المجاهد الإلكتروني أن المصدر “ابن متعة”.

في سياق الحديث مثال بسيط فيه الكثير من الحقيقة:

حدث في أحد البلاد العربية، أن الجزار الذي يبيع لحمة الكلاب و الحمير، لم يكن منتبهاً بأن ما تشتريه زوجته من دجاج يحتوي على هرمونات مسرطنة، من بائع الدجاج الذي و بدوره يشتري خضاراً معدلة وراثياً (و فيها بلاوي) من بائع الخضار.

المهم هؤلاء الثلاثة، يشترون أدوية مغشوشة من احدى الصيدليات الحكومية، أمّا صاحب الصيدلية فقد قام أحد الأطباء بتركيب دعامة قلب له غير صالحة للاستخدام الادمي .

كل من ذُكر يشرب من ماء الصنبور (الحنفية يعني) و المسؤول (النصّاب) بيحكي للشعب انو هذه المياه معدنية و مصفية وفقاً للمواصفات العالمية، لهيك كل يوم نص الشعب بالمشافي مصاب بالإسهال و تلبك الأمعاء.

المهم: مدرس خصوصي يذهب لتدريس كل أولاد الأشخاص الذين ذكروا أعلاه، و يشرح لهم مواد التعليم الفاشل (حتى يحلب جيوبهم) و يأخذ شوية مصاري تكفيه لأخر الشهر لأنو راتب الحكومة ما يكفي حق علاج.

طبعاً هذا المدرس يقوم بالتدريس بنفس المدرسة التي يدرس فيها الأولاد، لكن في المدرسة لا يقوم المدرس بإعطاء المعلومة للطالب بنفس أسلوب الدرس الخصوصي، فلو أعطاه إياها سيفهم الطالب، و لن يحتاج الطالب لمزيدٍ من الدروس الخصوصية، و بالنتيجة سيأكل المعلم بالدَّين لنهاية الشهر.

كل من ذكر أيضاً يأكل من القمح المسرطن الذي استورده رجل الأعمال الذي على علاقة بوزير الصحة، وزير الصحة الذي استورد صفقة الدم الملوث، و الذي كان دائماً ما يجتمع برئيس الوزراء الذي سهّل تهريب قطع كبيرة من الآثار لخارج البلد و بيعها بملايين الدولارات.

فبالنتيجة نكتشف أن “الثلم الأعوج من الثور الكبير”.

طبعاً في وسط هذه الدائرة يقف اثنين:

أولهم :

المواطن الفقير (المنتوف)، اللي ملعون حنكليش أبو اللي نفضوه، يشتغل من الصبح حتى آخر النهار من أجل بضع دراهم لا تكفيه ثمن سجائر، حتى ييأس من الحياة و يتحول إلى كائن غير منتج، لكن لربما تأتيه اللحظة التي لم يكن يحسب حسابها، و هي أن يأتيه “مُخلص” فيصطاده من مستنقع الفقر و القرف الذي هو فيه، ويحوله من “بائع جوارب” إلى مسؤول حكومي متنفذ ليخدم مصلحته .

أمّا النوع الثاني :

فهو مشابهٌ للنوع الأول تقريباً، إلا أنّه موظف حكومي.

هذا الشخص يذهب للعمل كل يوم، حتى لا يوفر شيئاً، يعني ماشي بمبدأ (لا ترحم الناس و لا تترك رحمة الله تنزل عليهم).

طبعاً هالموظف لازم يفضي جيوب الناس، و يدفعولوا حتى تمشي معاملتهم أو مصلحتهم (المرتشي).

و هدول كلهم غير مدام اعتماد و مدام سميحة؛

مدام اعتماد، تشغل منصب في مصلحة حكومية حتى تعطل أي مصلحة ما بتعجبها، و يقتصر عمل مكتبها في الدائرة الحكومية على تقطيع الباذنجان و إرضاع الأطفال، و حفر الكوسا محشي.

أمّا مدام سميحة فهي أعلى منصباً في الوزارة، تشغل المنصب حتى تكون صلة الربط بين المسؤول و صاحب الطلب، فما لم يعجبها أو يفدها همّشته، وما عاد عليها بالفائدة، أقامت له حفلاً خاصاً و أنجحته .

طبعاً بعد كل هذا، يخرج مسؤول حكومي على الشعب و يخبرهم :

“بأن كل هذا يصب في مصلحة المواطن”

و يخرج بعدها إعلام الدولة الكاذب هاتفاً :

“عاشت الحكومة، عاشت القيادة الحكيمة”

و للأسف كل من ذُكروا لا يتكلمون إلا عن الصب في مصلحة المواطن المستضعف، و ما من شيء يُصب في مصلحة المواطن، كل ما يُصب في بنطاله .

إلا أن ذاق المواطن ذرعاً و صرخ :

كفاية صب في بنطال العبد، لأن بنطاله انبخشت وما ظل محل ينصب فيها.

استبدوا البنطال بما احببتم

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *