أخبار

الكورونا يسقط ورقة التوت عن الحكومات الأوروبية

كان لا بد من حصول أزمة بحجم وباء كوفيدـ19 لتبين للعالم وبالأخص الدول التي تتمتع بحكومات ديموقراطية مقدار العجز في مواجهة الأوبئة التي ظن كثيرون أن زمنها قد ولى إلى غير رجعة.

فيبدو أن تفشي فيروس كورونا قد كشف لنا أهمية الإنفاق على البحوث العلمية و الكوادر الطبية في ظل عجز الحكومات وخجلها أمام الأطباء لعدم تمكنها من تأمين أقل سبل الحماية لهم ولصحتهم خصوصا وأنهم في أولى الخطوط في مواجهة المرض وبشكل مباشر. فقد سقطت ورقة التوت لتعري تلك الحكومات أمام شعوبها وبشكل خاص حكومات الدول الأوروبية التي ما انفكت تتغنى بحقوق الإنسان والتي تعتبر مثالاً يجب الاقتداء به لكثير من الشعوب.

أزمة كورونا عرّت هذه الحكومات كما أسلفنا، فقد رأينا أطباء يرتدون أكياس قمامة لوقاية أنفسهم في ظل غياب أدنى مستلزمات الوقاية لهم وقد عبر هؤلاء بشكل مباشر عن معاناتهم فقد تم نشر الكثير من الفيديوهات لأطباء وممرضات يشتكون من نقص في الكمامات و مستلزمات الحماية. ولعل البعض سيتساءل عن أسباب هذا النقص خاصة وأننا نجد أن بلدان أوروبا لا تبخل في التجهيزات على شرطتها فتراها مجهزة بكامل العتاد وأحدثه لقمع المتظاهرين المطالبين بتحسين الواقع المعيشي، و يا لسخرية القدر، لتحسين أوضاع الكادر الطبي الذي تعرض بدوره للقمع … مقارنة تعكس واقعاً تعيشه بلدان أوروبا فالشرطي لديه أحدث البنادق وقنابل الغاز ومعدات القمع بينما يضطر الطبيب لاستبدال معدات حمايته المفقودة من السوق بكيس قمامة وتعاني المشافي من نقص في عدد أسرة الإنعاش الطبية…

ولعل ما يثير التساؤل هو تخصيص هذه الدول لأكبر قدر من الإنفاق على مجال التسليح والدفاع، ففي عام ألفين وثمانية عشر بلغ الانفاق العسكري في الاتحاد الأوروبي مئتين وواحد وثمانين مليار دولار بينما أنفقت الولايات المتحدة ما يقارب ثلاثة أضعاف ذلك أي 649 مليار دولار بحسب ما جاء في موقع toute l’Europe

أما في مجال الصحة فقد صرف الاتحاد الأوروبي 203 مليار يورو في نفس العام على كل ما يتعلق بالصحة والأمور الطبية بما في ذلك العلاج والبحوث العلمية بحسب تقرير إدارة البحث والدراسات والتقييم والإحصاء في فرنسا، هذا البلد يتمتع بأحد أفضل أنظمة التغطية الصحية والاجتماعية من خلال قيام الدولة بدفع 70 في المئة من تكاليف العلاج ويقوم المواطنون بدفع 30 في المئة وفيما إذا كان الدخل أقل من الحد الأدنى للأجور فإن الدولة تتكفل بكامل مصاريف العلاج .

ولكن ومع أزمة فيروس كورونا الذي اجتاح البلاد والاتحاد الأوروبي عانت كل من فرنسا وإيطاليا و ألمانيا من نقص في الكمامات والألبسة الوقائية الطبية وأصبح الكادر الطبي يعاني من شح من هذه المواد مع وجوده في الصفوف الأولى لمواجهة هذه الأزمة. تعتمد هذه الدول على استيراد الكمامات من بلدان الشرق الأقصى تايوان والصين واليابان التي فرضت بدورها حظر على تصدير تلك المواد مما جعل هناك مصادرة للكمامات في المطارات لكبرى الدول حتى أن البعض أسماها “حرب الكمامات”.

أزمة كورونا أظهرت لنا أن استجابة الدول التي تتمتع بالنظام الديموقراطي تشبه إلى حد كبير استجابة الأنظمة الشمولية مع الأزمات خصوصا أن هناك حكومات كذبت على شعوبها وتأخرت بالاعتراف بالحقيقة. فهل يصدق قول الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفري أن أوروبا أصبحت هي العالم الثالث الجديد ؟؟

 

كاتي القنطار – إعلامية سورية 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *