أخبار

حتى في الحلم … يلاحقونني

أحمد القصير*

كابوس الملاحقات الأمنية بسبب أنّك خرجت ضد ظالم تطالب بحقك في الحرية لم يتركني أبداً على مرّ أعوامٍ مرّت منذ بداية ثورتنا. فقد انتقلت من مكانٍ إلى آخرٍ متنقلاً بين سوريا ولبنان، من القصير لحمص و القلمون بأغلب مدنها، وهذا الكابوس يراودني دائماً ولا يتركني أبداً.

أذكر في بداية ثورتنا منذ أواخر آذار 2011 كنت أحاول أن لا أتواجد في منزلي منذ يوم الأربعاء مساء إلى يوم السبت، لكي أستطيع المشاركة في مظاهرات يوم الجمعة، واستمريت على هذه الحال فترة من الزمن تقارب شهراً ونصف الشهر، إلى أن أتى أحد المقربين ليخبرني أنّه سينصب لي كمين بين منزلي ومكان عملي فاضطررت للبقاء في منزلي لمدة زمنية تقارب الخمسة عشر يوماً، كانت هذه المدة أصعب علي من الإعتقال في سجون الأسد فحين كنت أسمع صوت المظاهرة الليلية كنت أجلس وأترنم على هتافاتها، لتسيل دموعي لأنني كنت في بعض الأوقات لا أستطيع الوصل إليها نتيجة هذا الكمين.

لكن عندما اتخذت قراري أنّني ليلاً سأحاول اللحاق بالمظاهرة الليلية متخفياً عن من كان يراقب منزلي، كان ذلك القرار قد يكلفني اعتقالاً طويل الأمد وربما موتاً تحت التعذيب. عشت هذه الأيام وكأنّني في قبرٍ كبيرٍ حتى شرفة المنزل لا أستطيع الخروج إليها بعدها قررت الخروج، لم أكن أعلم أنّهم يبحثون عني فقررت أن أترك منزلي ومكان عملي. قرار اتخذته وكان قاسياً وسريعاً، لأتخفى بين الأحياء والبساتين ولأقيم بعيدا ًعن منزلي ما يقارب واحد كيلومتر من دون أن أستطيع الوصول إليه إلاّ ما ندر. المرات التي كنت أصل بها إليه كانت في ساعات الفجر الأولى إذ كنت أتخفى عند خروج الناس لصلاة الفجر، وأمشي وأنا اعلم أنّي مراقب في كل نفس في كل شيء .

سكنت في منزل صديق لي كنا في الصباح نهرب لبساتين المدينة ومن ثم نعود ليلاً إليها، في أوقات كثيرة كنّا حين تقطع الكهربا فجأة – كانت تقطع قليلاً قبل الثورة وفي أوّلها – نتوجه لا شعورياً إلى سطح البناء الذي ننام فيه خوفاً من مداهمة، وكنت أجلس على سطحه ترقباً لأيّ مداهمة ليلية وفي أيام كثيرة كنت أغفو وأنا على السطح مستند إلى أحد الأعمدة الموجودة عليه. مرّ وقت طويل على هذا الشعور والذي تحوّل إلى منام لا يكاد يفارقني، فيراودني في أيام كثيرة تلك اللحظات حيث كان الأمن السوري يكاد يلتقطني وفي آخر لحظة أفلت منه بأعجوبة.

*صحفي سوري 

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *