أخبار

دراما الضحك على الذقون

نسرين عزام 

من المعروف عند الجميع أن الدراما خُلقت لرسالة سامية ، ألا و هي إيصال حقيقة الشارع و الواقع الذي تعيشه المنطقة بشكل مسلسل أو فيلم ، وهذه الحقيقة تحمل كل طيات الواقع السلبية و الايجابية ، بشكل يسعى لتقديم الحلول ، لكن ما الذي يحصل في الدرما السورية الان ؟.

بعد الازدهار العظيم الذي حققته الدراما السورية في السنوات السابقة من مسلسلات عديدة حملت طابعا اجتماعيا مثل ( الفصول الأربعة ، و شاء الهوى ، فسحة سماوية ، زمن العار ، اشواك ناعمة و غيرها الكثير ، غير تلك التي حملت طابعاً فكاهياً مثل ( بقعة ضوء بأجزائه الاولى فقط  ، بطل من هذا الزمان، عيلة ست نجوم و غيرها الكثير أيضاً ) كل المسلسلات سالفة الذكر كانت صادقة بنقل الواقع ، بطريقة لطيفة محببة للقلب ، لا اشمئزاز فيها أو كذب ، لأنها رسمت الواقع كما هو ، و ذلك خلاف المسلسلات التي نشهدها في الفترة الأخيرة ، فهي لا تمت للواقع السوري المرير بصلة ، تراها تتحدث عن قصص بعيدة كل البعد عن معاناة السوريين ، تحمل طابعا سخيفا مملا ساذجا ، يجعلك تتساءل في نفسك : أهولاء الممثلون الذين يؤدون أدواراً سخيفة هم نفسهم الذين قامت على أكتافهم أضخم الأعمال سابقاً ؟؟.

لا أدري إن كان من النعمة أو النقمة انقطاع الكهرباء عن الشعب السوري كي لا يرى هذه التفاهات على شاشات التلفاز ، و هو يكد العرق ليجني لقمة العيش .. و لو سألني أحدهم ، ما هي أبرز المآخذ على الدراما الحالية السورية سأبدأ من الترف والفخامة المبالغ فيها لدرجة تثير الاشمئزاز ، و كأن هذه الفخامة أمر طبيعي عندنا ، سأقول لكم يا أعزائي لا شيء من هذه الفخامة عند الشعب السوري إلا أغنياء الأغنياء ، أما المأخذ الثاني فهي القصص بحد ذاتها ، قصص الحب و الغرام و المال السخيفة الحبكة و الحوار لم تعد تمثل شيئا من الشارع السوري ، فلماذا يتم تغييب القصص الحقيقة الصادقة التي تحدث على أرض الواقع أمام البهرجة و الفخفخة و القصص التافهة ؟.

أما المأخذ الثالث و هو المأخذ الذي استطاعت الدراما في الفترة الماضية تجاوزه لكنها تعود دون أن تدري إليه ألا هو المكياج الصارخ و التسريحات ضمن المنزل و الملابس الفاخرة ضمن الحياة اليومية ، إذن فالأمر لا يقتصر على البيوت المبهرجة ، فقد صار عندنا ممثلين مبهرجين أيضا .. السؤال الأخير .. إلى أين تأخذنا هذه المسلسلات الخيالية ؟؟ .. و لمن تركت الدراما هذه المرحلة من حياة السوريين ؟؟ هذه المرحلة الصعبة المليئة بالموت الحروب و التهجير و التدمير ، هذه المرحلة التي تعاني فقراً و ارتفاعاً حاداً في الأسعار لدرجة يقف الناس أمامها حائرين لاحول لهم و لاقوة ، هذه المرحلة التي يتمت أطفالا و رملت رجالا و نساء و فرقت أسر بأكملها فتجدهم يعجزون عن إيجاد بعضهم البعض ، هذه المرحلة التي خلت من الضمير و الصدق و تاجر الناس بارزاق بعضهم مقابل مبالغ تافهة ، و عاث فيها الفساد و الجوع و القهر .. أيعقل أن تمر مرور الكرام ؟؟ هل يعقل أن تُنسى هذه المرحلة المفصلية في حياتنا دون أن نجد مسلسلا واحد يحكي الواقع المرير الذي نمر به ؟؟ حسنا لا بأس ، لا نريد توثيقا لكننا لا نريد تشويها للحقيقة و فرض رداء مخملي على شعب يعيش الويل كل يوم .. هل يعقل أن يمضي العمر على هذه المآسي و كأن شيئا لم يكن !! و الدليل مسلسلات مليئة بالرفاهية و الغنى !…

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *