أخبار

قصة نجاح لاشهر طبيب ومعلمة في اوربا

العميد مصطفى أحمد الشيخ 

كان تلميذاً في الصف الخامس ،يتميز بالغباء والكسل وعدم كتابة واجباته المدرسية واهمالها ، متسخ الثياب والجسد ، ينام على طاولة الدرس ومنبوذاً من زملائه ، معلمته كرهته لهذه الصفات بل حتى باتت تستمتع عندما تصحح له ورقة الاختبار بان تشطبها X وبلؤم ، لكنها تخفي ذلك عن التلميذ الكسول.

وفي احدى الايام قالت لتلاميذها انني احبكم جميعاً ،ولكن كانت تخفي كره هذا التلميذ ، وفي احدى الايام وكعادة المدارس الاوربية وجهت ادارة المدرسة لجميع المعلمين والمعلمات بأن يرجعوا لوصوفات تلاميذهم في السنوات السابقة ، وبالفعل هذه المعلمة قامت بمراجعة وصوفات تلاميذها وتركت سجل الطالب الكسول لآخر سجلات الصف ،ثم تناولته وبدأت تقرأ وصف هذا التلميذ : فجاء وصفه للسنة الاولى بأنه كان ذكياً جداً ومميزاً على اقرانه ومجد ومهذب وشعلة من الذكاء ، ثم جاء الوصف للسنة الثانية ليقول ان هذا التلميذ مجد ونشيط وذكي ومتفوق ، ثم الوصف للسنة الثالثة فيه ان التلميذ لديه معاناة بسبب مرض والدته وتنعكس على واجباته لكنه متوسط ، ثم جاء وصف السنة الرابعة وفيه ان التلميذ تعرض لانتكاسة بسبب وفاة والدته رغم محاولته التغلب عليها لكنه فشل وتراجع بشكل كبير وهو مكتئب خمول لا يشارك مع زملائه المناقشات ومنعزل .
وهنا ذهلت المعلمة وبدأت تحتقر ذاتها وبكت طويلاً طويلاً واهتز كيانها لانها ظلمت هذا التلميذ ونامت تلك الليلة وهي مضطربة الوجدان والمشاعر .
وفي اليوم الثاني كان بعد عيد رأس السنة الميلادية وفيه يتقدم التلاميذ بهدايا رمزية لمعلمينهم كما هو التقليد السائد ، وقد حضر التلاميذ ومعهم الهدايا المغلفة بالورق الملون الزاهي ومربطة باشرطة الحرير الملونة الا ان تلميذنا جاء بهديته ملفوفة بشكل عبثي بورق الجرايد ودون ترتيب ، فقدموا التلاميذ هداياهم وهم يضحكون من هدية تلميذنا لانها اثارت استهزائهم جميعاً والمعلمة تراقب جميع التلاميذ وهم يضحكون ويقدمون هداياهم للمعلمة ، وجاء دور تلميذنا فقدم هديته فقامت المعلمة على الفور بفتحها فوجدت فيها زجاجة فيها قليل من العطر مع اسوارة فيها احجار ناقصة وقديمة ، فقامت المعلمة فاثنت امام تلاميذها على الهدية وقالت انها اجمل هدايا جميع التلاميذ ، واخذت ترش من العطر وهي تقول ما اجمل هذا العطر النفيس ثم وضعت الاسوارة بمعصمها وهي تنظر اليها وتثني على التلميذ وهذه الهدية الغالية الثمن .
وفي نهاية اليوم انصرفوا جميع التلاميذ وبقي تلميذنا واقفاً على باب المدرسة الخارجي ينتظر معلمته ، وعندما خرجت اقبل عليها وعانقها وقال لها يا معلمتي هذه الرائحة لاول مرة اشمها بعد موت امي وانها رائحة امي ، تعانق التلميذ ومعلمته مع بكاء للطرفين غير مسبوق ، وانصرف التلميذ عائداً منزله .
بدأت المعلمة تعامله معاملة فيها نوع من الرعاية والحنان المفقود عنده ، ( هذا كان بداية الفصل الثاني ) وفي نهاية العام نجح التلميذ بمعدل جيد ، ثم كلما تخرج من مرحلة ( وكانت جميعها بتفوق ) كان يكتب رسالة لمعلمته هذه ويضعها تحت باب منزلها يقول في كل منها ( لا زلتي افضل معلمة لي بحياتي ) الى ان تخرج من كلية الطب بمرتبة امتياز وشرف ، (واصبح اشهر طبيب بأوربا )وارسل اليها نفس الرسالة ونفس المضمون ، وبعد فترة قرر الزواج فبعث بدعوة خاصة للمعلمة قال فيها : يسعدني ويشرفني ان تحضري حفلة زفافي وتجلسي في المقعد المخصص لوالدتي .
وفعلاً لبت دعوة طالبها وحضرت وجلست مكان والدته في صالة الافراح وبدأت ترقب بعيونها المطفأة بالدموع زفاف هذا المنتج الذي انتجته ، ثم جائها وامام الحضور تعانقا طويلاً وهم يبكيان وهمس باذنها بقوله : يا معلمتي لا زلتي افضل معلمة بحياتي ، فردت عليه بقولها : ان كل كلامك غير صحيح ، فأنا لولاك لما اصبحت معلمة بحق .
هذه القصة اخترتها كبوح لوجداني ابحث فيها عن معاني لا استطيع ان تحديدها او اعبر عنها بكلمات بقدر ما تأثرت بوقعها عندما سمعتها لاول مرة ، كم نحن بحاجة لان لا نحكم على ظواهر الامور بسرعة خيالية ؟ كم ظلمنا وظُلمنا ولا زلنا كذلك ؟ كم نحن بحاجة الى لمسات حنان وانس ومحبة لتجبر كسرنا ؟ كم نحن بحاجة الى انسانية في زمن التوحش هذا ؟

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *