أخبار

ليالي معرة النعمان

مرّني بالأمس خبرٌ على احدى صفحات الفيسبوك , تلبكت لاجله حركات وجهي ، هل تضحك أم تبكي ؟ يقول صاحبه متهكماً” أهل ادلب 

يكتشفون بئر نفط يثور بغزارة ” ويقصد بذلك لعلّ دول الإقليم والعالم التي تعشق الذهب الأسود تتحرك لنصرة مئات الاف السوريين في إدلب الذين يتعرضون لابادة جماعية ، تحت وابل صواريخ الدب الروسي وسفاح دمشق .

 

نعيش في ادلب مجزرة حيّة ومباشرة ، بينما تتصارع دول الأقليم مجدداً على ليبيا النفطية ، ترسل احدى الدول بواخر الأسلحة الى جماعات تتقاتل هناك على النفوذ ، وتعلن استعدادها لمساعدة حكومة طرابلس التي تتحشد لاقتحامها قوات خليفة حفتر ، وذات الدولة هذه اعتدنا على قولها ” المنطقة هذه خط احمر ” تعجز للمرة الألف عن انقاذ السوريين الذين أنقذوها وساندوها مرات عدة من ” خطر ” يهدد حدودها وأمنها القومي كما تدعي ، ودولةٌ أخرى اعتدنا على قولها ” الاسد فقد الشرعية وعليه آن يرحل ” ترسل جنودها وعرباتها لحماية ابار النفط في شرق الفرات ، ابار النفط فقط ، فلا شيء عندها أغلى من نفط العرب ، وأما الجامعة العربية وزعماءها ، يُرفع عنها العتب اليوم فأمينها بالأمس رحب أشد ترحيب بوفد سفاح دمشق !

 

معرة النعمان ، المدينة التي تميزت بثورتها الجميلة ومظاهراتها العفوية الرائعة ، المدينة التي كانت صورة مصغرة للثورةالسورية بعفويتها وسلميتها ، المدينة التي احتضنت المهجرين السوريين من كُلِّ شبرٍ سوري اغتُصب ، والتي حاربت الفكرالمتطرف من قاعدته ، تقضي الآن لياليها الحمراء وحيدة ، يهجر أهلها منها قسراً تحت وطأة القصف الصاروخي والجوي والمدفعي والبراميل ، يخذلها القريب والبعيد ، وهنا أقصد بالقريب الفصائل المعارضة المنتشرة بعشرات الآلاف شمالاً وشرقاً والمُتكنية باسمٍ وطني يبدو أنه أكبر بكثير من مقاسها الطبيعي ، فصائل ” وطنية ” تنتظر أمراً ” خارجياً ” يسمح لها بالتحرك ! ، و ” الخارجي ” هذا هو ما أقصده بالمتخاذل البعيد ، الذي يعطي وعوداً لطرابلس الليبية أنه جاهزٌ للتحرك لأجلها وهو من أعطىوعوداً لادلب السورية قبلها وهي الأقرب الى حدوده مسافةً ، والأجدر بالتحرك انسانياً ، والناس فيها كانوا قد احتموا بجنوده الموزعين في ادلب ومحيطها , أفراداً وقواعداً , ظنوا بوجودهم الأمن والأمان ، والمظلة الحامية من القصف ، رغم خذلانها لهمعدة مرات ، ولكن كما يقال ” الغريق يتعلق بقشة ” فكيف السوريون الغارقون بدمائهم !

 

محزنٌ جداً أن الكائن البشري في سوريا عامّة وادلب خاصة ، البشريُّ المحاصر من النّار التي تهاجمه من الأعلى والأسفل ،وأمامه الحدود 

المغلقة ، يعلم علم اليقين أن العالم ينظر اليه كتجارة خاسرة غير مربحة ، فما تحت الأرض بالنسبة لهذا العالمهو أغلى مما فوقها !

حمزة الحريري – كاتب سوري 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *