أخبار

مُثقف فتات البَعث في الأمس ، شمولي الثَورة اليوم!

همبرفان كوسه _ صحافي كُردي

قُبيل بِدء الازمة في سوريا كان النَشاط الثقافي والادبي حكراً على مؤسسات وشخصيات تَتبع لِحزب البعث الذي كان يَحكم البِلاد بِمنطق الحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع والحجر على الحياة الثقافية والسياسية رغم مقولاته عن حرية التعبير التي لم تكن تتطلي حتى على أقرب المقربين منه. حتى ان مُثقفي النظام تماهوا مع تلك الحالة وكانوا على يقين ان كُل مقولات النظام التي تصب في خانة احترام الآخر المختلف لَيست إلا ذراً للرماد في العيون.


لا يجد المتتبع غرابة في سلوك السلطة المستبدة والمثقف الانتهازي المتماهي معها فهذه الحالة أصبحت جزءاً من إرث طويل من المعاناة من المستبد ومثقفي الفتّات على موائده وخاصة في ظل الازمة السورية التي طال امدها وكشفت عورات الكثير من مُدعي الثقافة ؛ ولم تكن المنطقة الكردية والمثقف الكردي حالة استثنائية في هذه الأزمة.
في حالة الفَوضى التي تَمر بِها المَناطق الكُردية في سوريا وخاصة مِن الناحية الفِكرية ظَهرت العديد مِن الشخصيات المُشابِهة تماماً لِحالة المُثقف السوري الذي كان يعيش على فتات البعث قبل الثورة. لم تكن المعضلة فقط في التصفيق للسلطة الحاكمة بكل مساوئها لكن أيضاً في تقمص دور الجلاد وعدم تقبل الآخر والحجر على الآخر المختلف ثقافياً بكافة الأدوات الغير الشرعية المتاحة. بذلك تحول ذلك المثقف إلى آلة لِفرض سياسة الطرف المهيمن بغض النظر عن ممارساته وأيديولوجيته. بذلك يحول ذلك المثقف إلى مستنسخة مشوهة عن السطلة الحاكمة ولا يكتفي بعدم القيام بدور تنويري بل يذهب أبعد ليشوه الحالة الفكرية ويفقد شخصيته الاعتبارية الأمر الذي يؤدي إلى انتكاسة في كل الملفات المتعلقة بالسير نحو دمقرطة المجتمع باعتبار أن المثقف في الحالة العادية يعتبر حاضنة وحامل اساسي ولازم لأي تغيير منشود لا يتم ولا يستقيم بدون مثقف ملتزم بقضايا أمته. لا بل أنهم تحولوا إلى مُشرعين للاستبداد عبر تَبني نظرية الشرعية الثورية نظر عن الانتهاكات اليومية متخفين خلف عباءة الوطن .
حالة أخرى تدعو للاهتمام هي حالة المثقف الذي بدل جلده فتحول من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. المُعضلة ليست في تبديل المواقف وهو سنة كَونية بل في سرعة التبدل تلك دون مسوغات منطقية وكذلك في أسلوب تناول المواضيع ومعارضة المجموعات التي كان سابقاً ينتمي إليها بحدية وبمنطق التخوين دون أن يفكر ولو لبرهة أنه كان ينتمي حتى الأمس القريب لمن يقوم بتخوينهم ليس إلا ليرضى عنه البلاط.
رغم ما يجنيه مثقفوا الفتات من مصالح آنية إلا أنه يعيش حالة من الهزيمة النفسية، التخبط و التناقض الفكري لصالح نظريات ومشاريع سريالية لن تلقى طريقها للتطبيق.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *