أخبار

ولِيَ رأسُ اللبوة!

نصر اليوسف – كاتب سوري 

منذ أيام وَقـَعـْتُ صدفة على مجموعة من الصور، تعكس عالماً آخر لا يمت إلى سورية بصلة؛ صور من مزرعة شخص يدعى مازن التاجر.


عـَـرّفـَـتِ المقالةُ صاحبَ المزرعة بأنه شخص مقرب جداً من ماهر الاسد، وأنه ابن اللواء مصطفى التاجر.
وفي الحال، قفزت في ذاكرتي ذكريات أليمة جداً، ابتدأت في صيف 1996.
عندما وصلت وعائلتي إلى مطار دمشق، سلمني الأمن مذكرة بضرورة مراجعة فرع الأمن العسكري رقم 235 خلال 3 أيام.
عرف إخوتي وأولادهم، الذين كانوا في استقبالنا، بما جرى، فـَـتلاشت فرحة اللقاء، وخيّم صمت أثقل من جبل أحد… وأقسم أننا طول الطريق؛ من مطار دمشق وحتى حماة، لم نتبادل 10 كلمات. كان كل منا يرسم في مخيلته بصمت ثقيل سيناريوه الخاص بالتطورات اللاحقة. ومن المؤكد أن أحدا لم يرسم نهاية سعيدة، خاصة بعد أن علمنا أن هذا الفرع هو “فرع فلسطين”!!!
استنفرنا كل أصدقائنا ومعارفنا، واعربنا لهم عن استعدادنا لدفع كل ما يلزم…
ومن حسن حظي ورضى والدي علي، تبين أن من استنجدنا بهم على علاقة وثيقة باثنين من عمداء هذا الفرع…
اقتدتُ في البداية إلى محقق، كان من الواضح أنه لم يكن يعرف أن الأمور قد رُبِطَتْ. ولهذا تطاول علي،،،
ثم استـُبدل هذا المحقق بمحقق آخر، فتغيرت اللهجة والمعاملة تغيّراً جذرياً. وعلى إثر ذلك، استدعيت إلى مكتب العميد (الواسطة) الذي أفهمني أنهم سيعملون على صياغة الاستجواب، بشكل يكفل عدم محاسبتي على “الانتماء إلى حزب محظور”، خاصة وأن لديهم معلومات تفيد بأني انسحبت فعلاً من ذلك الحزب منذ 1983، وتبقى التهمة الأساسية وهي “التكتم على معلومات تضر بأمن الوطن”…
وبعد أخذٍ وردٍّ، وترغيب وترهيب، ومداولات مع المحقق الجديد، اقتادني إلى مكتب رئيس “قسم الأحزاب السياسية”، الذي أفهمني أن الإبقاء على الإفادات التي أدليت بها للمحقق، لا تساعدهم في تمرير السيناريو الذي رسموه، والذي يتلخص في “المصاري مقابل الحرية”… ونصحني بأن أترك للمحقق حرية صياغة الاستجواب حسب معرفته، لأنه يعرف أساليب الالتفاف على مواد القانون… واتفقوا على أن يكتب المحقق رأيه في الإجراء الذي يجب أن يتخذ بحقي، على أن يوافق رئيس القسم عليه، ليحال إلى رئيس الفرع اللواء مصطفى التاجر…
أفهمني المحقق أن تـَـرْكي حراً طليقاً، له ثمن، وأنّ الثمن هو “طقم ذهب فاخر للسيدة عقيلة رئيس القسم، وطقم ذهب فاخر جداً للسيدة عقيلة سيادة اللواء رئيس الفرع”… أما هو،،، فالأمر متروك لذوقي…
لم يكن أمامي أي خيار سوى الموافقة مع الشكر الجزيل على هذه المكرمة الحاتمية. وقلت له إني لا أعرف ذوق كل من السيدتين الفاضلتين في المجوهرات، ولذلك سأسلمك المبلغ المطلوب، وأنت تتدبر الأمر بمعرفتك باعتبارك من عظام الرقبة…
فقال لي: يا عيني عليك! اللي بيفهم بيرتاح وبيريـّح… فعلا هذا هو المطلوب!!!
استمر هذا الأمر طيلة أربع سنوات، تعرضت خلالها لأبشع أنواع الترهيب والابتزاز…
الآن، وعندما رأيت صور مزرعة آل التاجر، (احترك دمي) لأنني ساهمت بجزء بسيط جداً من تكاليف بنائها.
فهل يحق لي أن أطالب برأس لبوة مازن التاجر؟؟؟

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *