أخبار

«أسد الجوهري» يفتح أبواب مكتبته مجاناً أمام عشاق القراءة

سامر النجم أبو شبلي

بعد سنوات طويلة من شراء الكتب واقتناء النادر منها، عاد «أسد الجوهري» إلى مدينته صلخد في أقصى الجنوب السوري لكي يفتتح مكتبته الخاصة أمام الناس، يقيناً منه أن خطوته هذه قد تساهم بعودة الألق للأوراق الصفراء المهجورة وسط ثورة التكنولوجيا التي همشت الحياة الثقافية والاجتماعية، وجعلت المواطنين يعتمدون على الشبكة العنكبوتية في كل ما يتعلق بحياتهم اليومية.

«باتت الغالبية تعتمد على القشور، ولا أحد يكلف نفسه البحث والاهتمام بصحة المعلومة وتثقيف الناس. أنا لا أضع اللوم على المواطن الذي باتت اهتماماته تتعلق بالحياة اليومية، وتأمين متطلباتها المعقدة، ولكن خطوتي هذه تأتي لكي تعيد بعض الروح لدفتي كتاب؛ اشتاقت أوراقه للمسة يد». هكذا تحدث الموظف المتقاعد «أسد الجوهري» الذي جال معه في مكتبته التي تضم ثلاثة آلاف وخمسمائة كتاب، والمقسمة بفهارس خاصة بين الأدب والدراسات بأجناس متنوعة.  

بدأت حكاية اقتناء الكتب بعد جولاته اليومية إلى المراكز الثقافية، والتعرف على أمهات الكتب، وأجناسها، تعلق الجوهري بالقراءة، وعمل على شراء الكتب من مصروفه الشخصي، ليؤسس لمكتبته الخاصة، حيث كان أول الكتب التي اقتناها «”عباس محمود العقاد ناقداً”».

التحق بوظيفة مساعد عدلي، في محافظة الرقة عام 1963، حيث كان يرتاد المركز الثقافي بشكل يومي، لكن هذا لم يطفئ شغفه بالمطالعة؛ مما دفعه لشراء الكتب التي لم يكن يجدها في المركز، رغم وضعه المادي الصعب، وبعد انتقاله إلى مدينة دمشق، عمل بالتجارة بعد وظيفته الحكومية، وراح يحقق حلمه رويداً رويداً، «وهذا ما تحقق لي من خلال شرائي لمجموعات كبيرة من الكتب التي حرصت أن تكون كاملة وشاملة لجميع النواحي الثقافية والأدبية والسياسية، وأصبحت أبحث عن كل كتاب مفقود في المراكز الثقافية والمكتبات، وأحرص على اقتناءه في مجموعتي التي أصبحت كبيرة  نوعاً ما».

بعد التقاعد عاد إلى صلخد مسقط رأسه، وخصص جزءاً كبيراً من المنزل لكي يتسع لثروته الغالية، وقرر أن يضعها بخدمة أهل مدينته، بعد أن أصبحت تزيد عن ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلد وكتاب، وأعلن عن ذلك بشكل صريح، وفتح أبواب مكتبته أمام رواد العلم والثقافة والطلاب، وبات منزله مقصداً للناس على اختلاف مشاربهم، حيث تحول إلى مكان يجتمع فيه كل مهتم، أو فضولي، أو طالب يبحث عن مراجع لم يستطع شرائها، يقول الجوهري: «أقوم بإعارة الكتب بشكل منتظم ومجاني لكل من يرغب بالقراءة والمطالعة انطلاقاً من قناعتي أن قيمة الكتاب هي بين أيدي القارئ، وحتى الآن لدى المكتبة أكثر من أربعمائة مشترك وقارئ يرتادونها بشكل مستمر».

بعيداً عن التعليب والروتين، وجد مئات الأشخاص متنفساً جديداً في هذا المكان، الذي يتنفس محبة ورغبة حقيقية في التنوير والمعرفة، ففي زواياه التي نظمت بشكل بسيط وراقي ينبعث الأمل بمستقبل قد يكون أجمل.

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *