أخبار

حكايتي مع حزب يعلم الحرية … والقنبلة صوتية 

محمد نيعو 

عند إندلاع ثورات الرّبيع العربي وتَوجّه الشّعوب في مُختلف الدّول العربية إلى الميادين للمطالبة بإسقاط الأنظمة الديكتاتورية شَعرت بأن حلمي، وحلم رفاق دَربي في “الحزب الشيوعي” قابل للتحقيق بعد وقت طويل مِن النّضال ضد الفساد والإحتكار السياسي من قبل النظام السوري.

وبدأ الحلم يكبر بعد سماعي خَبر هروب الرئيس التونسي “زين العابدين بن علي”، وشاهدت بسرور فرح الشعوب العربية بالنصر التي حققته الثورة التونسية، ومن ثم الثورة المصرية بعد سقوط الرئيس “محمد حسني مبارك” ، وكانت سعادتي لم تكن توصف عندما كان الحزب الشيوعي الذي أنتمي إليه والذي وضعت كل آمالي عليه يؤيد هذه الثورات التي اجتاحت الدول العربية، وننتظر الوقت المناسب للنهوض بالشعب نحو الحرية بحسب توصيف أمين الحزب “قدري جميل”.

كان هناك مخاوف كبيرة لدى بعض ألأصدقاء في حال وصول رياح الثورات إلى سورية وخصوصاً في مدينتي طرطوس بسبب موقع المدينة الجغرافي حيث أنها محاطة بالقرى “العلوية” المؤيدة للنظام، وكانت نظرتي مختلفة تماماً عن نظرتهم وكنت آمل مشاركتهم الحراك معنا بسبب التهميش الواضح والفقر التي تشهده المناطق ذات الغالبية “العلوية” في مدينتنا.

وبعد فترة من الزمن اجتاحت الثورة شوارع سورية وبدأت المظاهرات تتوسع لتشمل معظم المدن السورية. كانت سعادتي لا توصف وفي يوم من الأيام توجهت إلى مكتب الحزب لمناقشة الأوضاع التي طرأت على الساحة السورية وأنا أنتظر قرار الحزب بالتوجه إلى الشوارع لمشاركة الشعب ثورته، ولكنني فوجئت برأي الحزب حول هذه التظاهرات وكأن المسؤول الحزبي أثناء حديثه ينقل لنا نشرة أخبارية عن أحدى قنوات النظام، وطلب منا عدم المشاركة بأي نشاط دون العودة لأحد مسؤولي الحزب في المدينة.

في يوم من أيام الجمعة وأنا أتابع بحسرة صور المظاهرات في المدن السورية الأخرى، اتصل بي صديقي أ”بو عمار” ليخبرني بإنطلاق أول مظاهرة في مدينة طرطوس وعند سماعي أصوات المتظاهرين عبر سماعة الهاتف شعرت بسعادة لا توصف وبأن حلمنا في التخلص من هذا النظام المجرم سيصبح حقيقة. بعد هذه المظاهرة نزلت إلى الشارع مع أهلي وأصدقائي دون العودة لموافقة الحزب وشاركت في العديد من النشاطات الثورية ، وبعدها بدأ رفاقي “البعث والشيوعيين” التخلي عني وعن أخي “أحمد” الذي تعرض للإعتقال والتعذيب عدة مرات على يد مخابرات النظام دون تقديم أي مساعدة من الحزب.

وتم اتهامي بالإنتماء لتيار سلفي من قِبل الحزب قبل النظام بسبب مشاركتي بالتظاهر ونشر أخبار الحراك الثوري عبر مواقع التواصل، وبدأ الضغط علينا من قبل النظام المجرم بشكل أكبر، وتم تداول لائحة” سوداء” كما أطلق عليها شبيحة النظام تحمل أسمائنا وأسماء الكثير من  مدينة طرطوس ممن شاركت بالمظاهرات تتهمنا بالعمالة للخارج وتحذر الناس من التعامل معنا تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة، واستمر النظام بالضغط علينا حتى أجبرنا على الفرارخارج سورية خوفاً من التصفية الجسدية، وخصوصاً بعد تكرار حالات الإعتقال تجاه أفراد عائلتي.

كنت اتوقع ان يساند الحزب الشيوعي السوري الذي طالما تحدث عن حرية الشعوب مطالبنا، لكنه كان كما غيره من الاحزاب في سورية مجرد ورقة شكلية واداة امنية بيد النظام لا أكثر.

هذه حكاتي مع حزب يدعو للحرية … وفي النهاية كان كما غيره … مجرد قنبلة صوتية

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *