أخبار

كيف استطاع فائز قوصرة توثيق تاريخ إدلب منذ عشرات السنوات؟

 

على خشبة المركز الثقافي في مدينة إدلب يقف المؤرخ الإدلبي “فائز قوصرة” أمام حشد من الحاضرين، وذلك أثناء تسليمه جائزة من قبل أحد المنظمات الإنسانية في يوم التراث العالمي، وذلك بسبب جهوده في تأسيس متاحف في إدلب وتوثيق المعالم الأثرية منذ عشرات السنين وخصوصاً المنطقة الأثرية الواقعة في منطقة إيبلا.

 

“فائز قوصرة” مؤرخ وباحث سوري من مدينة إدلب تجاوز عمره الـ 74 عاماً، قضى قرابة الخمسين عاماً منها في دراسة وتوثيق آثار محافظة إدلب، درس المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدينة إدلب، وتابع تحصيله الجامعي في جامعة دمشق التي حاز فيها على إجازة في التاريخ وأخرى في الدراسات الفلسفية والاجتماعية. ألّف قوصرة قرابة الثلاثين كتاباً تمكّنَ من طباعة عشرة منها، فيما بقيت المؤلفات الباقية على شكل نسخ الكترونية.

يقول قوصرة لموقع أنا إنسان: “قصة حبي للثقافة جاءت منذ ترددي للمركز الثقافي في عام 1960 سنة إنشائه حيث كان الطلاب يأتون من أجل طلب مراجع عن تاريخ إدلب، ولكنهم لا يجدون ما يطلبونه، لذلك كنت اعتبر أن هناك فجوة يجب أن أسدها، فقررت بنفسي أن أقوم بهذه المهمة”.

وأضاف: “مع الزمن وجدنا وثائق عن إدلب، حيث ذهبت إلى إسطنبول وإلى ألمانيا وتم إرسال وثائق من النمسا وقمنا بجمع وترجمة هذه الوثائق، ووثقنا البعثات الأثرية وخصوصاً أول بعثة أثرية في داحس، وصولاً إلى باولو مادييه في إيبلا وكان ألفونسو راكي يعمل في هذا المتحف في ترجمة وثائق إيبلا”.

وحول إنشاء المتاحف في إدلب يشير قوصرة إلى أنه تواصل مع المدير العام للمتاحف من أجل إنشاء متحف إدلب ومتحف في مدينة معرة النعمان، وأصبح عضو اللجنة العلمية في إدارة متحف إدلب، حيث تم تدشينه في عام 1988 وقد قام بالمساهمة في افتتاحه من خلال تشكيل لجنة دولية بدعم من منظمة الجامعة في إيطاليا التي أشرفت على هذا الأمر.

 

وتعد أبرز مؤلفات المؤرخ “الرحالة في محافظة إدلب” والصادر عام 1984، و”قلب لوزة درة الكنائس السورية” وصدرَ باللغتين العربية والإنكليزية،”من إيبلا إلى إدلب” وهو مجلد ضخم يحوي أكثر من 140 وثيقة وصورة ويقع في 422 صفحة. اهتم منذ مطلع شبابه بدراسة تاريخ المنطقة وتوثيق آثارها.

وحول الكتب التي قام بإنشائها يوضح قوصرة” قمت بإنشاء كتاب اسميته “جولة في متحف إدلب” وكذلك كتاب عن متحف معرة النعمان يتألف من 180 صفحة، حيث أن الكتاب عن متحف إدلب يلخص أقسام المتحف، حيث كان هناك جناح لايبلا وجناح للتلال الأثرية وجناح كلاسيكي وقسم للآثار الإسلامية والحديقة، حيث أن الحديقة مليئة باللقى الأثرية الهامة”.

عمله التوثيقي لم يقتصر على متحف إدلب ومعرة النعمان بل انتقل في الماضي إلى توثيق متاحف أخرى في سورية، وحول هذا الموضوع يتحدث” قمت بتوثيق متحف “طرطوس” ومتحف “أرواد” حيث أن الكثير يذهب إلى جزيرة أرواد كبحيرة ولكنها تحتوي على متحف بحري هام وحضاري، ويوجد عشرات القطع الأثرية التي لا يمكنك أن تجدها في مكان أخر”.

ويهدف المؤرخ إلى أن يتم افتتاح متحف ثان لمحافظة إدلب في منطقة السرايا القديمة الواقعة في المدينة وذلك بسبب أن هناك كم هائل من الآثار وغنى أثري في منطقة “تل مرديخ” يجب الحفاظ عليه من الضياع، من خلال وضع القطع الأثرية في متحف خاص حيث قام بتوثيق هذه القطع الاثرية منذ سنوات.

وينوه قوصرة إلى أن “الشعار الذي طرحته أنه في سوريا 3000 موقع أثري وفي محافظة إدلب هناك 1000 موقع أثري أي ثلث نسبة الآثار في سوريا، حيث أن جبل “باريشا” في منطقة “حارم” بريف إدلب الشمالي يوجد فيها ثلث نسبة الآثار في محافظة إدلب، وهذه قسم من الاحصائيات التي قمت بالعمل عليها خلال السنوات الماضية”.

وخلال البحث الأثري والعلمي الذي عمل عليه المؤرخ طويلاً هو موضوع تاريخ المدن في محافظة إدلب حيث ثبت أن أغلب القرى والمدن في محافظة إدلب يعود قدمها لقبل الميلاد في حين أنه ثبت علمياً أن مدينة حماة أقدم من مدينة دمشق حيث يعود تاريخها إلى القرن 12 قبل الميلاد، وكذلك أحرف اللغة العربية كان تاريخ اكتشافها في منطقة إيبلا وليس في منطقة الجزيرة العربية كما هو المتعارف عليه.

ويختم المؤرخ حديثه: “نحن رسل حضارة للعالم ونريد أن نقدم رسالتنا إلى هذا العالم أننا قد صدرنا الحضارة إلى العالم، وقد اهتم الأجانب في توثيقها وقد حان دور شبان البلد من أجل الاهتمام في هذا الأمر وتوثيق تاريخهم”.

 

أحمد العكلة

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *