أخبار

كيف تخطو على جثة ابن أبيك؟

يارا مطر

 

امرأة… اثنتان… طفل… طفلان… وماذا بعد؟ هل اكتملت لديك عناصر المشهد؟ هل صلبت اللاجئين على خشبة مسرحك الأسود؟… هيا إذاً، باشر العمل لتصوير الملحمة… قدم للنساء والعجائز المال… ارم الحليب والألعاب في وجه الأطفال… وابدأ توثيق المكرمة… ولا تتردد… وافضح بعدستك الماجنة عجز اليائس والبائس والمشرد… ودس بحوافرك الخائنة على آدميتهم ولا تتنهد… فلا حياء في وجهك ليتمرد… ولا دماء في عروقك لتتجمد…

وأجبني… أجبني بصدق أيها الثائر المغوار… كيف وجدت ظهر الثورة؟  كيف تسلقت جماجم الثوار؟ كيف امتطيت فرس عنترة؟ كيف تلحفت الجمر والنار؟… هل حقاً تناهبت جثتك الحدود؟ هل تجرعت سكاكين الحصار؟ هل تنشقت صدأ البارود؟ هل تنفست أعاصير الغبار؟…

وطمئني، طمئني بربك يا ابن المجد والعهد وساقط المزاعم… هل غرزت نصلك عميقاً في أحشاء المساكين؟ هل تقمصت تعاليم الداعم؟ هل ركلت الفتات في حجر المحرومين؟ هل حجزت نصيبك من الغنائم؟ هيا، أجبني بحق ولا تجزع، فأنا لن أفقأ عينيك بأشلاء الضحايا، ولن أبصق في وجهك صور الجرحى… لن أطعمك لهب الشظايا، ولن أسقيك النزف والقيح… فمازلت أخشى أن تتلبد سماؤك، مازلت أخشى أن تتلبك أمعاؤك، ومازلت أخاف على معدتك من القرحة…

وأنتم… أيها المتسمرون على هامش الكرامة… أيها القاطنون بين عفن الخيام وأكوام القمامة… أيها الفارون من قهر إلى قهر، ومن عهر إلى عهر، والمتسلحون بالدين واليقين وتراتيل الصبر… هيا، ارفعوا أكفكم المعفرة بعوزكم إلى كبد السماء، امتشقوا أصواتكم المبحوحة وأجزلوا الدعاء… وكرروا أكثر ليهنأ الداعم، كرروا ليسمع ثغاء البهائم، كرروا لينعم بلفظة مااااء…

وأنا، ومن تبقى من الشعب المركون على عتبات الانتظار… وأنا، ومن تبقى من الشعب المرهون لحقد الأسد وجشع التجار… مازلنا أسرى قدر يرصد الطعنات تتقاطر من رؤوس الحراب العرجاء، مازلنا رماد جمر يحصد الحشرات تتطاير من أحشاء الضمائر الشوهاء… ومازلنا نزرع القرابين في جسد الثورة لتتنفس الفجر من رئتي الشهداء… ومازلنا نزرع القرابين في جسد الثورة لتتنفس الفجر من رئتي الشهداء…

 

(العنوان مستمد من قصيدة لا تصالح للشاعر المصري أمل دنقل)

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *