أخبار

من ظلام أقبية المعتقلات … الى أولى خطوات النجاح في باريس

مناف أبازيد شاب سوري يبلغ من العمر ثلاثين عاما، من مدينة درعا مهد الثورة السورية في انطلاقتها الأولى، حيث كان مناف وقتها طالبا جامعيا-سنة أولى- في كلية اللغة الألمانية، وايمانا منه – كغيره من الشباب- بحقه وحق شعبه بحياة حرية كريمة ، كان من أوائل الشباب الذين انضموا الى صفوف الثورة، ومن الشبان الأوائل الذين حُملوا على الاكتاف في درعا البلد هاتفا بأعلى الصوت ‘ حرية حرية’ ، مثلما كان من أوائل الثوار الذين تمت ملاحقتهم.. والزج بهم في السجون وظلام المعتقلات، وتعرضهم لشتى أنواع التعذيب وحشية..

اعتقل مناف مرتان، آخرها كان بتاريخ 29/11/2011، أثناء عودته من مدينة دمشق الى مدينته الام ‘درعا’ على أحد الحواجز العسكرية المنتشرة بكثرة على الطريق الدولي الواصل بين المدينتين.

أمضى مناف في الاعتقال الثاني مدة العامين ونصف العام، تعرض خلالها أيضا لمختلف أنواع التعذيب النفسي والجسدي والتي مازال يعاني من آثارها الى اليوم.

بعد أن أفرج عنه بزمن وجيز سافر الى لبنان ومنها الى فرنسا ليبدأ رحلة عذاب من صنف آخر، عذاب الهجرة والاغتراب والتشرد.

بدأ مناف رحلة لجوئه في باريس بأعمال البناء أولا، انتقل بعدها للعمل في مطعم سوري، ومن خلال الممارسة والتعامل اليومي مع الفرنسيين استطاع مناف اتقان اللغة الفرنسية بجهوده الذاتية، وأن يتحدث بها كغيره دون صعوبة او عسر. وكان أن ابتسم له الحظ أثناء عمله في المطعم حيث قدمت له احدى الجمعيات الخاصة منحة دراسية لمدة عامين، درس خلالها تصميم وتطوير مواقع الانترنت، وتخرج منها بعلامات عالية استطاع من خلالها أن ينافس طلاب دفعته من الفرنسيين أنفسهم، وكان من ثمرة دراسته واتعابه خلال سنتين تصميم موقع وتطبيق للهواتف الذكية.

أسسه مناف باسم عرب بازار، وكانت فكرة هذا البرنامج نشأت على يديه بسبب معرفته التامة ودرايته البالغة بالمشاكل التي يواجهها المغتربون واللاجئون في أوروبا، ألا وهي صعوبة الوصول الى الخدمات العربية في مناطقهم، وعلى الأخص منهم أولئك الذين يصلون حديثا.

وعرب بازار، برنامج يربط بين مقدمي الخدمات والباحثين عنها في مختلف بلدان اللجوء والاغتراب، سواء كانوا سياحا أو مقيمين.

يتيح عرب بازار لمستخدميه البحث عن أي خدمة عربية محيطة بهم، حيث أنك تستطيع البحث عن أي طبيب عربي في منطقتك، أي مطعم عربي أو أي محل يبيع المنتجات العربية، بإمكان المستخدمين أيضا البحث عن حلاق/ كوافير عربي، محامي عربي أو أي مهنة تقنية أو خدمية هم بحاجة اليها.

يحتوي البرنامج حالياً على قاعدة بيانات تقدر بحوالي ال 1500 بيان يقوم بجمعها فريق عمل متواضع مؤلف من 3 أشخاص، وبعضها يُضاف عن طريق صاحب الخدمة مباشرة وذلك لأن البرنامج يتيح لجميع المستخدمين إضافة البيانات العربية الخاصة بهم او المحيطة بهم.

يعمل مناف حاليا في مطعم بدوام كامل، حيث لم يستطع الى الان الحصول على فرصة للعمل ضمن مجال دراسته واختصاصه بسبب كثرة المتقدمين والباحثين عن مجالات العمل هنا.. في باريس..

ويسعى مناف في الوقت القليل والمتبقي له الى الاستمرار في مشروعه الحالي ودعمه ونشره، ايمانا منه في مساعدة أبناء بلده سوريا، وجميع العرب الذين يعانون من صعوبة تعلم اللغة وتسهيل وصولهم الى الخدمات العربية المحيطة بهم.

نعم، لقد بات الحلم أقرب الى الحقيقة، وبالرغم من كل الظروف القاسية والجائرة التي عاشها مناف منذ لحظة اندلاع ثورة الحرية والكرامة الى ظلام المعتقلات وعذاب السجون في بلده الى تنفس هواء الحرية في باريس.

لكنه كان، ومازال يسعى الى تجاوز آثار كل تلك الظروف السيئة والمهنية، وأن يمضي قدما بيقين ثابت وايمان راسخ في سبيل تحقيق أحلامه وإنجاز مشروعه، دون أن يعرف اليأس الى نفسه سبيلا.

 

مها ياسين

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *