أخبار

رفض اللجوء في المانيا … وعاد ليستشهد في سوريا

هند مجلي – المانيا – ” أنا قصة إنسان ” 

“قصة الشهيد محمد زرق القطيفان”

استشهد ابنها الأول أحمد رزق القطيفان خلال الحرب التي يشنها النظام السوري ضد مختلف المدن السورية ومنها مدينة درعا وعاشت أمه مرارة فقده ورحيله وبدأ خوفها من أن تفقد أخاه التوأم محمد والذي يعيش في منطقة خارجة عن سيطرة النظام السوري وتحت احتمالات كبيرة لأن يستشهد ويلحق بأخيه التوأم , وهو المعرّض للخطر من إصابة برصاصة غدر , أو قذيفة هاون أو صاروخ أو برميل يطلقه النظام السوري فوق رؤوس المدنيين.

محمد رزق 1كثرت هواجسها ومخاوفها من أن تصبح” أم الشهيدين ” , مثل السيدة سوسن الراضي والتي استشهد ولداها حمودة الراضي في بداية الثورة 8 / 4 / 2011 أثناء مشاركته في إحدى المظاهرات السلمية, ولم تكن دموعها لتجف بعد, حين وصلها خبر استشهاد أخيه علاء الراضي بعد سنتين …كانت كل لحظة تمر بأم محمد شريطا” سينيمائيا” تشاهد فيه أمهات الشهداء , وحجما” هائلا” من أحزان فقدهن لأبنائهن , فهناك من فقدت ابنا” وأخرى فقدت ابنين وأخريات كثيرات كخنساء سورية وغيرها من الأمهات واللواتي فقدن ستة أو سبعة من أبنائهن شهداء من أجل حرية سوريا .. بدأت أم محمد قطيفان بالتوسل والرجاء من ابنها ليسافر الى الخارج كما فعل الكثير من شباب سوريا ,

محمد رزق 3
الشهيد محمد رزق الى جانب اخيه الشهيد احمد رزق

بدأ يضعف أمام حزنها ودموعها وخوفها ..ليحاول درأ ثكل آخر , وأحزان أخرى ربما تقتلها , لم يكن من السهل عليه أن يختار السفر والنجاة بروحه ويترك أرضه ورفاقه وجرح سورية النازف , لكنه اختار ذلك أخيرا” ليمنح أمه شيئا” من راحة وطمأنينة . بدأت رحلة محمد الشاقة والمحفوفة بالخطر, رحلة مليئة بالتعب والقهر والذل ,من درعا وصولا” الى تركيا , ومن تركيا ركب البحر كما كل السوريين , تحت لعبة حظ فيها خيار الموت غرقا” هو الغالب لكنه الأرحم أمام خيار الموت تحت التعذيب في المعتقلات وخيارات الموت الأخرى , وكتبت له فرصة النجاة من موت محقق ووصل أوروبا بلاد الأمان والأحلام ,

أوروبا هي الحلم الموعود وجنّة للكثير من السوريين حيث جمال الطبيعة والعيش الآمن وقانون ونظام . لم تكن أوروبا حلمه أبدا” في يوم من الأيام , فقد كان حلمه أن يسعى لتكون سورية جنته ونعيمه وحريته ,إلا أنه في جنة أوروبا لم يكن ليحلم إلا بسورية وطريق الحرية الذي بدأه من أجلها حين خرج مع السوريين في 18 آذار 2011 في مظاهرات كانت مطالبها الحرية والكرامة والعدالة الانسانية , وكان سلاحها هتافات جميلة وأغصان زيتون قابلها النظام بكل أساليب الوحشية والقمع الى أن جعلها حربا” طاحنة تحصد أرواح السوريين.حصل محمد على الإقامة وجواز السفر الأوروبي

أمضى سنة في أوروبا , بلد اللجوء , سنة من معاناة الندم لتخليه عن حلمه في سوريا, فأوروبا لم تكن جنته الموعودة , ولم تكن أمانه ولا أمنياته , فقد كانت أحزانه تحاصره طوال الوقت كموت متواصل يراه في شتى الصور , لم يتردد أبدا” حين أخذ قراره بالعودة إلى سورية وطنه وجنته وأحلامه وأهله ورفاقه…

عاد محمد وهو مدرك أن أمه ستسامحه وتغفر له قراره هذا .وكان قد مر في طريق عودته إلى الأردن وأخذ معه خطيبته ليتزوجا في درعا البلد , وصل محمد الى سورية بكل الفرح والسعادة تاركا” رغد العيش في أوروبا , ولم يمض شهر على وصوله حين استشهد إثر القصف على أحياء درعا البلد من قبل قوات النظام السوري, وكان الموت على تراب سورية بانتظاره , ولم يمنحه قصف النظام السوري الفرصة لتحقيق أحلامه. وكان قدرا” لأمه أن تصبح ” أم الشهيدين “

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *