أخبار

بعد إصابته بمجزرة الكيماوي … أسس منظمة للإهتمام بالجرحى والمصابين

هدى زغلول 

بعد ملايين الجرحى في الحرب داخل سوريا ..دائما ً ما نسمع عن قصص ممتدة خارج حدودها .. وعن قصص الجرحى في البلدان اللجوء وقصة معاناتهم مع المرض واللجوء معاً ..ومن هذه القصص قصة الشاب عمار الذي تعرض للأصابة في الغوطة الشرقية يوم مجزة الكيماوي عند مساعدته بأسعاف الناس تحت القصف الشديد من النظام السوري على المنطقة ..
يقول عمار عن حياته قبل دخوله للغوطة الشرقية  (لقد كانت حياتي جيدة نوعاً ما .. كنت ادرس واعمل في الموبيليا التي هي مهنة الكثير من عائلتنا وكنت مقيم في منطقة المزة في دمشق وشاركت بالعديد من المظاهرات داخل العاصمة الى اليوم الذي قررت به دخولي الى الغوطة الشرقية وبقائي هناك )
وبعد دخول عمار للغوطة الشرقية عمل في تصوير الاحداث داخل الغوطة وأصبح بعد فترة قصيرة من اعلاميين في المنطقة الى ان جاء يوم 21\8\2013 تاريج مجزة الكيماوي في الغوطة الشرقية ..
(كنا نعلم انه يوجد هجوم اليوم من قوات النظام على منطقة ولكن لا نعلم بوجود القصف الكيماوي .. ذهبت في هذا اليوم على منطقة جوبر وشاهدت الشهداء ضحايا القصف الكيماوي واثناء مساعدتي في اسعاف الناس في الخطوط القريبة من جيش النظام تعرضت لطلق ناري .. لم اكن اشعر بشيئ تلك اللحظة سوا بخدر لذيذ في جسدي وعلى قدرتي على نطق شهادتين قبل اغمائي بشكل كامل )
تم اسعاف عمار الى نقطة طبية في منطقة دوما وعند اول استيقاظ له من الاصابة شاهد العديد من شهداء في أرض الغرفة التي يتم معالجته فيها ولم يكن يقظاً بشكل كامل لكي يستوعب صدمة أصابته او العدد الهائل من الشهداء الذي شاهده ..
(أنني اذكر شاب كان يقف بجانب طفلة صغيرة يقول لها لقد مات الجميع من قبل والآن انتي ايضاً… بقيت في العناية المركزة لمدة ثالث ايام وبعدها اخبروني بأصابتي بالشلل بسبب ذلك الطلق الناري ..قمت بعملتين داخل الغوطة وعند العملية الثالثة قرروا أنني يجب ان اغادر الغوطة وبعد ايام استطعت فيها تزوير بعض الأوراق بغير أسمي لكي استطيع الخروج من الغوطة .. وخرجت ..)
وفي رحلة قاسية قضاها عمار من الغوطة الى منطقة ضمير ومن ضمير الى الحدود الأردنية وعلى أمل ان يلتقي أحد من أهله في طريق ولكن لم يجد أحد وبقي ثلاث ايام على الحدود الأردنية الى ان قرروا ادخالي الى الأردن وبعد فحصي تم نقلي الى العاصمة عمان ..
(لا أنسى ذلك اليوم الذي تم نقلي فيه الى عمان داخل سيارة عسكرية وانا مستلقي وسط الكثير من الناس وسائق السيارة الغير مهتم بارتطام جسدي الجريح في كل ثانية في تلك العربة العسكرية وعلى طول الطريق الصحراوي والمليئ بالحجارة )
وبعد تلك الرحلة الطويلة تم ادخال عمار الى المشفى ( لقد كنت جائعاَ جداَ وطلبت الطعام من المشفى ولكن لا يوجد أحد يسمعني في هذه الغرفة الى ان شاهدت مرأة وطلبت منها الطعام وذهب زوجا لأحضار الطعام لي .. وبعدها استطعت الوصول لرقم هاتف خالتي واتصلت بها وقمت الي .. أخيراً يوجد من يساعدني يا الله )
وبعد ايام تم نقل عمار الى مشفى الجزيرة اوهناك قام بالعديد من العمليات الجراحية ولكن معاناته لم تنتهي وخصوصاً بوجود خطأ طبي بأحد العمليات ( لقد قمت بعملية تثبيت فقرات وقاموا الأطباء  بتركيب سياخ وصفائح معدنية أصغر من اللازم .. التي تسببت لي بعد فترة بخروج السيخ المعدني من ظهري و عند سؤال الأطباء تأمروا علي وخبروني أنها عظمة )
أصبح وضع عمار في الأردن صعب جداً الى ان قرر المجيء الى تركيا أملاً بأن تنتهي معاناته ولكن يبدو أن معاناة الجرحى السوريين لا تنتهي في أي مكان وبقي عمار لمة سنتين في تركيا يعاني من جميع انواع الألم ولا يستطيع الجلوس ابداً بسبب ظهره المقسوم نصفين وعلمه بعد ذلك بفقران فقرتين من ظهره بسبب الاصابة ..
(بقيت معاناتي الى ان سمع بقصتي شاب تركي الجنسية وساعدني بعمل عملية لظهري و عملية تفتيت الحصى في الكلية وبعدها بدأت حياتي بتغير تدريجياً و استطعت تأقلم نوعاً ما مع تلك الأصابة و أصبحت قادراً على خروج مع اصدقائي من المنزل وكان ينقصني العلاج الفيزيائي فقط الذي لم اقدر على تدبير تكاليفه وبسبب ذلك بعد مرور فترة من الزمن عاد لي ألم  )
أسس عمار و أصدقائه منظمة مرخصة في تركيا تهتم بذوي الأحتياجات الخاصة وهو الأن يعمل في تلك المنظمة  وهو الآن بحاجة الى عدد من العمليات منها عملية التي يتمكن من خلالها التخلص من السيخ المعدني الذي في ظهره ..
ربما معاناة عمار في المرض لم تنتهي ولكن من يسمع كلمات عمار يتعلم منه الصبر والأصرار على الحياة .. رغم بقائه مع الحبوب المسكنة والمخدرة التي رغم من ثقل تأثيره ليست كافية ان تنسي عمار كبر هذا الألم ….

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *