أخبار

طالبت بإخراج زوجها المعتقل ورفضت عرض الأسد

طالبت بإخراج زوجها المعتقل ورفضت عرض الأسد:

(يا ام علي يليق بك ان تكوني كاتبة) لطالما ردد أصدقاء ام علي على مسامعها هذه الجملة

رحلت ام علي ولم تكتب الا رسائل لزوجها المعتقل. السيدة ابتسام خربيط أم علي من مواليد حزيران 1937 حاصلة على سرتفيكا

زوجة المناضل والمعتقل السياسي مصطفى رستم الذي قضى ثلاثة وعشرين عاما في سجون الأسد أمضتها السيدة ابتسام على طريق سجن المزة حاملة معها الزاد لزوجها وبقية المعتقلين

وفي حوار مع ابنتها ندى تحدثنا عن ظروف المعيشة في فترة اعتقال والدها وكيف كانت السيدة ابتسام تواجه متاعب الحياة

تقول ندى

كانت أمي انسانه عصامية حاملة فكر ومبدأ مصطفى رستم، بين ليلة وضحاها وجدت نفسها مسؤوله عن تربيه ثلاثة أطفال وعن قوت بيت وزيارة سجين

سجن مصطفى رستم بعد عمله في القيادة ب ستة أشهر بسبب رفضه الاعتراف بحافظ الأسد

وهو أصغر عضو قيادي كان عمره ثلاثة وثلاثون عاما

قضى أطول مدة سجن كعضو قيادي عذب وبقي في المنفردة لثلاثة سنوات

تقول ندى شكل اعتقال مصطفى رستم صدمة كبيرة لوالدتي ولكنها كانت تمتلك شخصية قوية وسرعة بديهة عالية كما أنها إنسانة معطاءة كثيرا

كنا دائما مراقبين من قبل الأمن بشكل يومي بجميع تحركاتنا سواء بالتلفون بالنزهات أو بأي حركة نقوم بها

نحن ثلاثة أطفال بنت وصبيين (ندى علي وإياد)

كانت تخاف علينا كثيرا ودائما لديها شعور بالقلق الدائم علينا وكان تعلقها بنا كبيرا

لديها شعور دائم بأنه سيلحق بنا الضرر وأنه سيتم خطفنا خاصة ان النظام عودنا أن يؤذي من خلال الزوجة أو الاولاد

كان اخي اياد وجعها وألمها بسبب ولادته ومعه نقص في الاكسجين وللأسف لم يكن هناك اهتمام بعلاجه

عندما كان عمره خمس سنين كان يحرق صور حافظ الأسد بشكل دائم

كنا أنا وعلي بمدرسه خاصه ولم تكن قدرتنا على دفع المبالغ المطلوبة فتم استدعائي من قبل مدير المدرسة مطالبا بدفع الأقساط،شعرت ندى بوقتها بالغضب والتوتر  وبسبب التقارير وصل الخبر الى حافظ الأسد الذي قام بدوره باستدعاء السيدة ابتسام  ولكن رفضت مقابلته فقام حافظ أسد بالإصرار على مقابلتها

فردت (أنا مابشوفو كزوجة مصطفى رستم أنا بدي شوفو كمواطنة والي حقوق) وطالبت برؤية زوجها قبل توجهها لمقابلة الاسد

أتت سيارة القصر فرفضت السيدة ابتسام ان تستقلها وقامت بطلب تاكسي وبعد مقابلة زوجها السيد مصطفى رستم توجهت لمقابلة الأسد فاستقبلها قائلا

= أهلا بالمواطنة

ترد طبعا يا أبو سليمان أنا هنا كمواطنة سورية ولها حق عليك

=سألها طلباتك ؟

  • أنا طلباتي كالتالي: دراسة اولادي، إيجاد وظيفة لسد الرمق وعلاج اياد ان أمكن

عرض عليها الأسد تامين وسائل الراحة فرفضت فقال لها طالما بشار وبشرى وباسل بالمدرسة سيبقى اولادك فيها حتى يتخرجوا

فقالت (ساجن ابوهن وبدك تحتكر الاولاد كمان) هل يعني هذا أن أبو علي سيبقى في زنزانتك حتى يتخرج الاولاد ­­­.

توظفت أمي بوزارة الصناعة وكانت ملتزمة بعملها لأبعد الحدود ولم تكن تغيب عن عملها كانت تعمل بجد ورفضت عرض أن تجلس في المنزل وتستلم راتب بسبب قناعتها التامة أنها تعمل لأولادها ولبلدها

عانت كثيرا وخوفها علينا تسبب لها بمرض العصاب

بقي والدي ثلاثة وعشرون سنة و ثمانية اشهر

كان موقف والديَ مؤيدا للثورة طبعا. وتم اعتقال والدي في بدايتها عام 2011 ومن ثم اعتقلوا أخي علي وابني عثمان وأخيرا قد تم اعتقالي أنا وكتبت جريدة الحياة أن ذاك مقالة بعنوان (هذا الاعتقال الرابع لمصطفى رستم )

امي توحي لك بشخصية قوية وقلب قاسي ولكن هي عكس ذلك تماما

كانت امي دائما تلجأ الى حيلة لإيقافنا عن مشاكساتنا حيث كانت تقول لنا بأن أبي اتصل او بعث برسالة وكان محتوى الاتصال أو الرسالة لوم أو نصيحة أو توجيه منه لنا.

وكانت كذلك تلجأ الى حيلة لإخفاء السبب الحقيقي لانقطاع الكهرباء عن بيتنا (عدم تمكنها من دفع الفاتورة 60 ليرة للجابي) فكانت تقول لنا تارة بأن الكهرباء مضرة بالصحة وتارة أخرى أن هناك تقنين بسبب اجراء دراسات على التيار الكهربائي. كانت تريد أن يكون كل شيء كامل، لم تكن تريدنا أن نشعر بالنقص.

لم يتوقف عطاء هذه الام الرؤوم على أولادها بل كانت عاطفتها تفيض على كل مظلوم حيث ذكرت ابنتها ندى أنه ذات يوم

 

اتصل احد أصحاب المكتبات في دمشق بالوالدة ليبلغها أنه يريد تقديم معونة  لأولاد المعتقلين وقام بإيكال مهمة توزيعها لها. تقول ندى كنت انا في الصف السادس وجدنا في حديقة منزلنا مجموعة كراتين قامت امي بفتحهم فوجدت بداخلهم قرطاسية ولوازم مدرسية كاملة قامت بتقسيمها وبالاتصال بعائلات المساجين وبإعطائهم نصيبهم من هذه القرطاسية

كان قد أعجبني قلم ذو أربعة ألوان وعندما قلت لأمي اني اخذته قامت بصفعي وقالت هذا القلم ليس لك نحن نستطيع شراء ما يلزمنا باقي العائلات لا يستطيعون فعلم صاحب المكتبة بهذا الموقف وفي اليوم التالي جاء حاملا قرطاسية وطلب تقديمها لي ولكن أمي رفضت وقالت أن ندى لديها ما يلزم وبالفعل لم أخذ شيئا في ذلك الوقت

وفي موقف أخر تذكر ندى

بأنه في  أحد الايام قام احدهم بجلب فتاة للعمل بمنزلنا بسبب فقر عائلتها الشديد هذه الفتاه كانت تعمل في منزل أحد الوزراء كانت معاملتهم لها سيئة جدا و كانو قد حلقوا لها شعرها على الصفر و كانوا يجعلونها تنام في الحمام

وافق أهلي على استقرارها معنا في المنزل على الرغم من عدم تقبلهم لفكرة العمالة المنزلية وكنا انا وهي في نفس الغرفة و كانت مثل اخت لي تربت في بيتنا ستة عشر عاما

وبعدها تزوجت وكانت في كل عطلة تقوم بزيارتنا، وذات يوم طلبت من والدتي ان تقوم بنفسها بتحضير الطعام لوالدي وبالفعل قامت بتحضير ورق العنب لوالدي ولزملائه المعتقلين وقامت امي بإيصاله لهم

توفيت السيدة ابتسام خربيط في مساء يوم الاحد 16 كانون الاول عن عمر يناهز 81 عاما اثر نوبة قلبية، هذه المرآه السورية التي تمثل الكثير من نساء المعتقلين في يومنا هذا توقف قلبها لكن لن تتوقف ذكراها وذكر مواقفها التي تشهد لها بعزة نفس وكبرياء

  ان مايميز السيدة ابتسام ليست كونها زوجة معتقل واجهت الحياة بمفردها وحسب فهي مثلها مثل كثير من السوريات اللاتي يقبع أزواجهن في معتقلات الطاغية لا لشيء الا لانهم أرادوا حياة أفضل لهم ولغيرهم من السوريين بل لأنها واجهت الطاغية شخصيا، الطاغية الذي اعتقل زوجها وحرمها وحرم أولادها منه لمدة ثلاثة وعشرين عاما

وانتشلت من براثن سلطته حقها وحق أولادها كمواطنين سوريين وليس كمنة منه كما تعود أن يفعل مع السوريين عندما يعطيهم أبسط حقوقهم

 

كاترين القنطار

 

تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

 

اقرأ أيضا : في 2020 السلطة السورية تفرج عن 2700 معتقل عبر دفع ذويهم مئات آلاف الدولارت

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *